لا أعرفُ الغَمْضَ إلَّا ما تحدِّثُني ... به المُنَى في منامي ربَّما كانا
وأستعينُ العِدى مما بليتُ به ... يا ذُلَّ مَنْ طَلَبَ الأعداءَ أَعْوانا
ولم تَزَلْ قسمةُ الأَيَّامِ جائرةً ... إذا قَضَتْ ناقضت ظُلْمًا وعُدْوانا
تختصُّ بالعَطَل البازي وقد جَعَلَتْ ... لمعُظْم الطَّير أَطْواقًا وتيجانا
وتُغْرقُ الدُّرَّ في قَعْر البحور وقد ... أَعْلَتْ على قُلَلِ الأجبال صَوَّانا
ذكر ما جرى بعد وفاة الوزير رحمه الله:
استوزر الخليفةُ شَرَفَ الدِّين أبا جعفر أحمد بن محمد بن البلدي، فشرع في التضريب على أولاد الوزير وأسبابه، فقبض على ولديه عز الدين محمد، وشرف الدين ظَفَر [وكان أكبر أولاده] (?) وأُخذت أموالهما، وخُنِقَ عزُّ الدِّين وأخوه، وسنذكرهما، واضطرَّ ورثة الوزير إلى بيع ثيابهم وأثاثهم، وثياب نسائهم ومقانعهن (?)، وبيعت كُتُب الوزير الموقوفة على مدرسته وغيرها، حتى إنَّه بيع كتاب "البُسْتان" في الرَّقائق لأبي الليث السَّمَرْقَنْدي بخطٍّ منسوب، وكان مُذْهبًا يساوي عشرة دنانير، بدانقين وحبَّة، فقال بعضُ الحاضرين: ما أرخص هذا البُسْتان! فقال جمال الدين بن الحصني: ثِقَلُ ما عليه من الخَرَاج أَرْخَصَه. أشار إلى الوقفية وغيرها. وقال بعضُ الحاضرين: كيف يجوز بيع كتب الوقف بعد أن حكم بها حاكم؟ ! فأُخذ وضرب ضربًا مبرِّحًا، وحُبس، فامتنع النَّاسُ من الكلام في ذلك.
قلتُ: هذا تلخيصُ ما ذكره المصنِّف رحمه الله في ترجمته (?)، وقد ذكر قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خَلِّكان رحمه الله في "وفيات الأعيان (?) " ترجمة الوزير رحمه الله، وذكر بمعنى بعض ما ذكره المصنِّف، وزاد فقال: أَوَّلُ ولاياته الإشراف بالأقرحة الغربية (?)، ثم نُقِلَ إلى الإشراف على الإقامات المخزنية، ثم قُلِّد الإشراف بالمخزن، ولم يطل في ذلك مكثه حتى قلد في سنة اثنتين وأربعين كتابة ديوان الزِّمام، ثم ترقَّى إلى الوزارة، وكان سبب توليته الوزارة ما جرى من مسعود البلالي شِحْنة بغداد نيابةً عن