حاجب باب المسترشد والرَّاشد والمقتفي، ترك الدُّنيا عن قُدْرة، وحَجَّ، ولبس القميص القُطُن عند الكعبة، وعاهد الله أن لا يخدم أحدًا، وقَدِمَ من الحج إلى بغداد، والتقاه النَّاس يبكون على فَقْده [لأنَّه كان لطيفًا بهم] (?)، وأنشده أبو الحسين (?) الشَّاعر: [من السريع]
يا عَضُدَ الإسلامِ يا مَنْ سَمَتْ ... إلى العُلا هِمَّتُهُ الفاخِرَهْ
كانت لك الدُّنيا فلم تَرْضَها ... مُلْكًا فأَخْلَدْتَ إلى الآخرهْ
وكان تزهُّده في زمان المقتفي، فأقام عشرين سنة على هذا، وكان محترمًا في زمان عزلته أعظم مما كان في زمان خدمته، وكان يغشاه أربابُ الدولة وغيرهم، وكان يتعبَّد في داره، ويسمع الحديث؛ [سمع من أبيه ومن ابن بيان وغيرهما] (?). وكانت وفاته في رمضان، فحمل إلى الحربية، فدفن في تربته مقابل أبي الحسن القَزْويني، وكان يومًا مشهودًا.
أبو الغارات، [وزير الديار المصرية، وقد ذكرناه] (2).
أقام وزيرًا بمِصر سبع سنين على أحسن الوجوه، [وبسطَ] (?) العَدْلَ والإحسان، فلما كان في العاشر من رجب وَثَبَ عليه باطنيٌّ بين القَصرين، فضربه بسكِّينٍ في رأسه، ثم في تَرْقُوته، فحمل إلى داره، وقُتِلَ الباطني، ومات طلائع من الغد، فحزن النَّاسُ عليه، وبكوا، وأُقيمت المآتم بين القصرين، وفي المشارع، ومِصر، لأَنَّه كان كثيرَ