حَنَّتْ فأَذْكَتْ لوعتي حنينا ... أشكو من البَينِ وتشكو البِينا (?)
قد عاثَ في أَشْخاصها طُوْلُ السُّرى ... بقَدْرِ ما عاثَ الفِراقُ فينا
فَخَلِّها تمشي الهوينى طالما ... أَضْحتْ تباري الرِّيح في البُرينا
وكيف لا نأوي (?) لها وهي التي ... بها قَطَعْنا السَّهْلَ والحزونا
ها قد وَجْدنا البَرَّ بحرًا زاخرًا ... فهل وَجَدْنا غيرَها سَفِينا
إنْ كُنَّ لم يُفْصِحْنَ بالشكْوى لنا ... فهُنَّ بالإِرْزام (?) يَشْتكينا
قد أَقْرحَتْ مما تُجِنُّ كَبِدِي ... إنَّ الحزينَ يُسْعِدُ الحزينا
وقد تياسَرْتَ بهِنَّ جائرًا ... عن الحِمى فاعدْل بها يمينا
نُحيِّ أَطْلالًا عفا آياتِها ... تعاقُبُ الأَيَّامِ والسِّنِينا
يقول صَحْبي أَتَرى آثارَهُمْ ... نَعَمْ ولكنْ لا أَرى القَطِينا
لو لم تَجِدْ رُبوعُهُمْ كَوَجْدنا ... لِلْبَينِ لم تَبْلَ كما بَلِينا
ما قَدَرَ الحيُّ على سَفْكِ دمي ... لو لم تكنْ أَسْيافُهُمْ عُيونا
أكلَّما لاحَ لعيني بارقٌ ... بكَتْ فأَبدتْ سرِّيَ المَصُونا
لا تأخذوا قَلْبي بذنبِ مُقْلَتي ... وعَذبوا الخائِنَ لا الأَمينا
أقسمتُ ما الرَّوْضُ إذا ما بَعَثتْ ... أرجاؤُه الخِيرِيَّ (?) والنِّسْرينا
وأَدْركتْ ثمارُهُ وَعَذُبَتْ ... أَنهارُهُ وأَبْدَتِ المكْنُونا
وقابلتْه الشَّمْسُ لما أَشرقتْ ... وانقطعتْ أفنانُهُ فنونا
أذكى ولا أَحلى ولا أَشْهى ولا ... أَبْهى ولا أَوفى (?) بعيني لينا