وفيها توفي رئيس أصفهان وعالمها محمد بن عبد اللطيف الخجندي - بالماء المعجمة وألفال المهملة وبينهما جيم ونون. قال ابن السمعاني: كان صدر العراق في زمانه على الإطلاق إماماً مناظراً واعظاً جواداً مهيباً، كان السلطان محمود يصدر عن رأيه، وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء، درس ببغداد بالنظامية، وكان يعظ وحوله السيوف. مات فجأة في قرية بين همدان والكرخ. وفيها توفي القاضي الأجل أبو بكر بن محمد بن عبد الله الشافعي في شهر رمضان، وحضر موته الإمام العالم العلامة صاحب البيان يحيى بن أبي الخير اليمني العمراني، وقال حين نعي عليه: ماتت المروءة. قلت: ومثل هذا المقال يقال في كل وصف جميل مات من اتصف به إذا كان غألفا عليه، مشتهراً فيه، متميزاً على غيره به، كما بلغني أنه لما توفي الشيخ الصالح أبو محمد المعروف بالسكري المغربي - رحمة الله عليه - قال الشيخ الكبير السيد الشهير ألفارف بالله الخبير نجم الدين الأصبهاني - قدس الله روحه - مات الفقر من الحجاز. وهذا الشيخ أبو محمد المذكور هو ناظم القصيدة التي مفتتحها:

دار الحبيب أحق أن تهواها ... وتحن من طرب إلى ذكراها

أخذ القاضي أبو بكر المذكور الفقه عن الإمام العلامة زيد بن عبد الله اليفاعي. قلت: وقد تقدم نسبة الشافعي واليفاعي - وعلى الجملة - فالفيق بينهما أن الشافعي نسبة إلى جد واليفاعي إلى مكان. وكان هذا القاضي المذكور أديباً شاعراً مترسلاً فصيحاً، وله ديوان شعر مشهور في زمانه ومكانه، روى عن أبيه وخآله كتاب إلىسالة للمافعي، ومختصر المنني بروايتهما عن الشيخ الإمام عبد الملك بن محمد الشافعي، وولي قضاء اليمن من جبآلها إلى عدن، وكان له ولد يقال له محمد بن ابن أبي بكر، نبت نباتاً حسناً، وأخذ الفقه عن أخوآله بني عبد العليم، وكان له معرفة في علم الكلام واللغة والعربية وحسن الشعر، مات بالجند سنة ست وأربعين وخمس مائة، وقبره هنالك. ولما توفي أبوه بعده قبر هنالك أيضاً، ولأبيه فيه مدح ومرثية بأشعار كثيرة، ومن قصيدة له في ذلك:

جوار الله خير من جواري ... له دار لكل خير دار

وكان القاضي أبو بكر المذكور ذا جاه كبير وحظ عظيم عند الملوك، استوهب خراج الفقهاء، وخلصهم من المظالم، ولما قدم القاضي الإمام العلامة ذو الفضل العديد - الملقب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015