وتفيد بالإجازة عن أبي عمرو ألفاني. وفيها توفي جمال الإسلام أبو الحسن علي بن مسلم السلمي الشافعي، مدرس الغزالية ومفتي الشام في عصره، صنف في الفقه والتفسير، وتصدر للاشتغال وإلىواية. وفيها توفي صاحب دمشق محمود بن بوري، ولي بعد قتل أخيه شمس الملوك.

سنة أربع وثلاثين وخمس مائة

فيها حاصر زنكي دمشق. وفيها توفي القاضي أبو المفضل القرشي الدمشقي، من أصحاب الفقية الإمام أبي نصر المقدسي. وفيها توفي البديع الأصطرلابي هبة الله بن الحسين ألفاعر المشهور، أحد الأدباء الفضلاء. كان وحيد زمانه في علم الآلات الفلكية متقناً لهذه الصناعة، وأثنى عليه غير واحد من المؤرخين، وذكروا له عدة مقاطيع، فمن ذلك قوله:

أهدى لمجلسه الكريم وإنما ... أهدى له ما حزت من نعمأنه

كالبحر يمطره السحاب وما له ... فضل عليه لأنه من مأنه

وكان كثير الخلاعة يستعمل المجون في شعره، وكان قد جمعه ودونه، واختار ديوان ابن حجاج، ورتبه على مائة وواحد وأربعين باباً، وجعل كل باب في فن من فنون شعره، وكان قد جمعه ونفاه وسقاه: درة ألفاج من شعر ابن حجاج. وكان ظريفاً في جميع حركاته، والأصطرلابي نسبة إلى الأصطرلاب بفتح آلهمنة وسكون الصاد المهملة وبعضهم يكتبه بالسين وضم الماء المهملات وقبل الألف راء وبعدها موحدة وهو الآله المعروفة. قال كوشيار بن كنان بن باسهري الجبلي صاحب كتاب الزيج في إلىسالة التي وضعها في العلم الأصطرلابي: هو كلمة يونانية معناها ميزان الشمس، وقيل إن لاب اسم الشمس بلمان يونان، فكأنه قال: أصطر الشمس إشارة إلى الخطوط التي فيها، وقيل إن أول من وضعه بطلميوس صاحب المجسطي، وكان سبب وضعه له أنه كان معه كرة فلكية - وهو راكب - فسقطت منه، فداستها دابته، فخسفتها، فبقيت على هيئة الاصطرلاب. وكان أرباب علم الرياضيات يعتقدون أن هذه الصورة لا ترتسم في جسم كروي على هيئة الأفلاك، فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015