وقيل إن هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي. كانت ولادة نظام الملك يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وأربع مائة في طوس، وتوجه في صحبة ملك شاه إلى أصبهان، فلما كانت ليلة عاشر رمضان من السنة المذكورة أفطر، وركب في محفته، فلما بلغ إلى قرية قريبة من نهاوند قال: هذا الموضع قتل فيه خلق كثير من الصحابة في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وطوبى لمن كان منهم فاعترضه صبي ديلمي على هيئة الصوفية معه قصعة، فدعا له، وسأل بتناولها، فمد يده ليأخذها، فضربه بسكين في فؤاده، فحمل إلى مضربه، فمات، وقتل القاتل في الحال، وركب السلطان إلى معسكره، فسكنهم، وحمل إلى أصبهان، ودفن بها. وقيل إن السلطان دس عليه من قتله، فإنه سئم من طول حياته، واستكثر ما بيده من الاقطاعات، ولم يعش السلطان بعده إلا خمسة وثلاثين يوماً.

وقيل إنه قتل بسبب تاج الملك أبي الغنائم المرزباني، فإنه كان عدو نظام الملك، وكان كثير المنزلة عند مخدومه ملك شاه، فلما قتل رتبه موضعه في الوزارة، ثم إن غلمان نظام الملك وثبو عليه، فقتلوه، وقطعوه إرباً إرباً بعد قتل نظام الملك بدون أربعة اشهر. وقد كان نظام الملك من حسنات الدهر. ورثاه شبل الدولة أبو الهيجاء: مقاتل بن عطية البكري، فقال:

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... نفيسة صاغها الرحمن من شرف

عزت فلم تعرف الأيام قيمتها ... فردها غيرة منه إلى الصدف

وفي السنة المذكورة توفي محدث مكة أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك، كان متقياً حجة صالحاً. روى عن أبي ذر الهروي وطائفة، وعاش سبعين سنة. وفيها توفي الإمام الكبير العالم الشهير أبو بكر الشاشي محمد بن علي بن حامد الفقيه شيخ الشافعية، صاحب الطريقة المشهورة والمصنفات المشكورة، درس مدة بغزنة ثم بهراة ونيسابور، وحدث عن منصور الكاغذي، وتفقه في بلاده على أبي بكر السبخي، وعاش نيفاً وتسعين سنة. وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن عيسى التجيبي مقرىء الأندلس، أخذ عن أبي عمر والداني ومكي بن أبي طالب وجماعة. وفيها توفي السلطان ملك شا، أبو الفتح جلال الدولة، ابن السلطان ألب أرسلان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015