سنة ثلاث وثمانين وأربع مائة

فيها كانت فتنة هائلة لم يسمع بمثلها بين السنية والرافضة، قتل فيها عدد كثير، وعجز والي البلد، واستظهر أهل السنة بكثرة من معهم من أعوان الخليفة، واستكانت الشيعة، وذلوا، ولزموا التقية، وأجابوا إلى أن كتبوا على مساجد الكرخ: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه - فاشتد الناس على غوغائهم، وخرجوا عن عقولهم، واشتدوا، فنهبوا شارع ابن أبي عون، ثم جرت أمور مزعجة، وعاد القتال حتى بعث صدقة بن مزبل عسكراً، يتتبع المفسدين إلى أن فتر الشر قليلاً. وفيها توفي أبو الحسين عاصم بن الحسن العاصمي الكرخي، الشاعر المشهور. كان ظريفاً، صاحب ملح ونوادر، مع الصلاح والعفة والصدق. مرض في أواخر عمره، فغسل ديوان شعره. وفيها توفي العلامة الواعظ نزيل أصفهان، ومدرس نظاميتها، وشيخ الشافعية بها، ورئيسها: محمد بن ثابت الشافعي الواعظ. وفيها توفي أبو نصر محمد بن سهل السراج، آخر أصحاب أبي نعيم الاسفرائيني. كان ظريفاً نظيفاً لطيفاً.

سنة اربع وثمانين واربع مائة

فيها استولى يوسف بن تاشفين أمير المسلمين على الأندلس، وقبض على المعتمد بن عباد، وأخذ كل شيء يملكه، وترك أولاده فقراء. وفيها استولت الفرنج على جزر صقلية. وفيها توفي الحافظ المعافري الشاطبي، تلميذ ابن عبد البر ظاهر، وكان من أئمة هذا الشأن، مع الورع والتقوى. وفيها توفي الحافظ الزاهد أبو القاسم عبد الله بن علي الانصاري البصري، استشهد بالبصرة، وكان من العبادة والخشوع بمحل، وفيها توفي أبو نصر محمد بن أحمد شيخ المقرئين بمرو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015