درهم. وفيها توفي أبو نصر زهير بن الحسن الرضي، الفقيه الشافعي، مفتي خراسان، والإمام المقرىء الزاهد، أحد العلماء العاملين. قال أبو سعيد السمعاني: كان مقرئاً كثير التصانيف، حسن العيش، قانعاً منفرداً عن الناس، يسافر وحده، ويدخل البراري. سمع بمكة وبالري ونيسابور وبجرجان وبأصبهان وببغداد وبالبصرة وبالكوفة وبدمشق وبمصر وكان من أفراد الدهر. وفيها توفي القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة الفقيه الشافعي، قاضي الديار المصرية، القضاعي مصنف كتاب الشباب وكتاب مناقب الإمام الشافعي وكتاب الأنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء، قال ابن ماكولا: كان متفنناً في عدة علوم، لم أر بمصر من يجري مجراه. وذكر السمعاني في كتاب الذيل أنه حج الخطيب والقضاعي سنة خمس وأربعين وأربعمائة، فسمع الخطيب منه. وفيها توفي شرف الدولة ابن باديس بالموحدة قبل الألف ابن منصور الحميري الصنهاجي، صاحب إفريقية وما والاها من بلاد المغرب. وكان الحاكم صاحب مصر قد لقبه شرف الدولة، وسير له تشريفاً وسجلاً، وكان ملكاً جليلاً عالي الهمة، محباً لأهل العلم، كثير العطاء، وكان واسطة عقد بيته، ومدحه الشعراء وانتجعه الأدباء، وكانت حضرته محط ذوي الآمال. وكان مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بإفريقية أظهر المذاهب، فحمل أهل المغرب على التمسك بمذهب مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه وحسم مادة الخلاف في المذهب، واستمر الحال في ذلك إلى الآن، وقطع خطبة المستنصر بالله العبيدي، وخلع طاعته، وخطب الإمام للقائم بأمر الله خليفة بغداد، واستمر على ذلك. وأخبار المعز بن باديس كثيرة، وسيرته شهيرة، وله شعر قليل. وكان يوماً جالساً في مجلسه، وعنده جماعة من الأدباء، وبين يديه أترجة ذات أصابع، فأمرهم فيها شعراً، فقال ابن رشيق شعراً:

أترجة سبطة الأطباق ناعمة ... تلقى العيون بحسن غير منحوس

كأبما بسطت كفاً لخالقها ... تدعو لطول بقاء لابن باديس

سنة خمس وخمسين واربع مائة

فيها توفي أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق بفتح السين المهملة وسكون اللام وبالقاف أول ملوك السلجوقية، كانوا يسكنون قبل استيلائهم على الممالك فيما وراء النهر، قريباً من بخارى، كانوا عدداً غير محصور، لا يدخلون تحت طاعة سلطان، فإذا قصدهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015