ولكن ثمار النخل وهي غضيضة ... تراها وغض الكرم يجبى ويؤكل

يكلفني القاضي الجليل مسائلاً ... هي النجم قدراً بل أعز وأطول

فأجابه أبو الطيب:

أثار ضميري ناظماً من نظيره ... من الناس طراً شائع الفضل يكمل

ومن قبله كتب العلوم بأسرها ... وخاطره في جدة النار مشعل

تساوى له سر المعاني وجهرها ... ومعضلها باد لديه مفصل

فلما أثار الخبأ قاد منيعه ... أسيراً لأنواع البيان مكمل

وقربه من كل فهم بكشفه ... وإيضاحه حتى رآه المغفل

وأعجب منه نظمه الدر مسرعاً ... ومرتجلا من غير ما يتمهل

فيفخر من يجر ويسمو مكانه ... جلالاً له حيث الكواكب ينزل

فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه جم وعمر مطول

فأجابه المعري مرتجلاً مملياً على الرسول:

ألأليها القاضي الذي بلهاته ... سيوف على أهل الخلاف تسلسل

فؤادك معمور من العلم أهله ... وجدك في كل المسائل مقبل

فإن كنت بين الناس غير ممول ... فأنت من الفهم المصون ممول

إذا أنت خاطبت الخصوم مجادلاً ... فأنت وهم حاكي الحمام وأجدل

كأنك من في الشافعي مخاطب ... ومن قلبه تملى فما تتمهل

وكيف بذي علم ابن ادريس دارساً ... وأنت بإيضاح الهدى متكفل

تفضلت حتى ضاق ذرعي بشكر ما ... فعلت وكفي عن جوابك أجهل

لأنك في كنه الثريا مصاحب ... وأعلى ومن يبغي مكانك أسفل

مع أبيات أخرى حذفتها اختصاراً آخرها:

تجهلت الدنيا بإنك فوقها ... ومثلك حقاً من به يتحمل

عاش القاضي أبو الطيب رحمه الله مائة وستين سنة. قلت وربما سمعت من بعض شيوخنا: وعشرين سنة، ولم يهن عظمه حتى حكى أنه أتى على نهر أو مكان يحتاج إلى طفرة كبيرة، فطفره، ثم قال: أعضاء حفظها الله تعالى في صغرها فقراها في كبرها، أو كما قال رضي الله تعالى عنه: وكذلك لم يحتل عقله ولا تغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015