سنة ثمان عشرة وأربع مائة

فيها توفي الإمام الكبير الأستاذ الشهير أبو إسحاق الأسفرائيني، ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن مهران، الأصولي المتكلم الفقيه الشافعي، أحد الأعلام، صنف التصانيف. قال الحاكم: أخذ عنه الكلام والأصول عامة شيوخ يسابور، وأقر له بالعلم أهل العراق وخراسان، وله التصانيف الجليلة منها: كتابه الذي سماه: جامع الحلي في أصول الدين والرد على الملحدين في خمس مجلدات، وغير ذلك من المصنفات. وأخذ عنه القاضي أبو الطيب الطبري أصول الفقه بأسفرايين، وبنيت له المدرسة المعروفة بنيسابور. وذكر عبد الغفار الفارسي في سياق تاريخ نيسابور: إنه أحد من بلغ حد الاجتهاد من العلماء المتبحرة في العلوم واجتماعه شرائط الإمامة، وكان طراز ناحية الشرق. وكان يقول: أشتهي أن أموت بنيسابور حتى يصفي علي جميع أهل نيسابور، فتوفي بها يوم عاشوراء، ثم نقلوه إلى أسفرايين، ودفن في مشهده. وممن كان يخلف إلى مجلسه الأستاذ أبو القاسم القشيري. وأكثر الحافظ أبو بكر البيهقي الرواية عنه في تصانيفه، وغيره من المصنفين، وسمع بخراسان أبا بكر الإسماعيلي، وبالعراق أبا محمد دعلج بن أحمد السجزي وأقرانهما. وفيها توفي الوزير المعزي الحسين بن علي، استظهر القرآن العزيز وعدة من الكتب في النحو واللغة، ونحو خمسة ألف بيت من مختار الشعر القديم، ونظم الشعر، وتصرف في النثر، وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظراؤه، ومن حساب المولد والجبر والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب، وكل ذلك قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر إصلاح المنطق، واستوفى على جميع فوائده، حتى لم يفته شيء، وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إليه، وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم نظم بعد اختصاره ما كتب في عدة أوراق في ليلة واحدة، وجميع ذلك قبل استكماله سبع عشرة سنة. ومن شعره:

أقول لها والعيش تخدع للسرى ... أعدي لفقدي ما استطعت من الصبر

سأنفق ريعان الشبيبة واثقاً ... على طلب العلياء أو طلب الأجر

أليس من الخسران أن ليالياً ... تمر بلا نفع وتحسب من عمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015