لم يخف فوجهان. قال أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون. لا يحرم بقول الله تعالى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " سورة النور: الآية 31، وهو مفسر بالوجه والكفين، لكن يكره، قال ذلك الشيخ أبو حامد وغيره. والثاني يحرم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد والإمام، وبه قطع صاحب المهذب ووجهه الروياني باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو مدركة الشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية. انتهى كلام الإمام الروياني. قلت: وقد علم من هذا بما حكته زوجة الخضري عن أبيها صواب على الوجه الأول والله أعلم.
في أولها ظهرت وفاة عضد الدولة. وكانت قد أخفيت حتى أحضروا ولده صمصام الدولة، فجلس للعزاء، ولطموا عليه في الأسواق أياماً، وجاء الطائع إلى صمصام الدولة، فعزاه ثم ولاه الملك، وعقد له لوائين ولقبه شمس الدولة، وبعد أيام جاء الخبر بموت مؤيد الدولة أخي عضد الدولة. ولد بجرجان وولي مملكته أخوه فخر الدولة الذي وزر له إسماعيل بن عباد.
وفيها القحط الشديد ببغداد، وبلغ حساب الغرارة الشامية أربعمائة درهم.
قلت وقد بلغت الغرارة الحجازية بمكة إلى هذه القيمة المذكورة، وهي نحو من ثلث الشامية، في سنة ست وستين وسبع مائة.
وفيها توفي الأمير أبو الفتح الصنهاجي نائب المعز العبيدي على المغرب. وكان محمود السيرة، حسن السياسة، ولي القيروان اثنتي عشرة سنة، وكانت له أربعمائة سرية، يقال أنه ولد: له في فرد يوم سبعة عشر ولداً. وكان استخلاف المعز له عندما توجه إلى الديار المصرية في سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وأوصاه بأمور كثيرة، وأكد عليه في فعلها، ثم قال: إن نسيت ما أوصيتك به فلا تنس ثلاثة أشياء: إياك أن ترفع الجبايا عن أهل البادية، والسيف عن البربر، ولا تول أحداً من إخوتك وبني عمك، فإنهم يرون أنهم أحق بهذا الأمر منك، وافعل مع أهل الحاضرة خيراً. وأمر بالسمع والطاعة له.
وفيها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير: أبو عثمان المغربي الصوفي سعيد بن سلم قال: هكذا " ابن سلم ". ذكر في بعض النسخ، وفي بعضها " ابن سلام " بزيادة ألف بعد