لو زرته فرأيت الناس في رجل ... والدهر في ساعة والأرض في دار

ولكن أين الثرى من الثريا؟ وكذلك هذا المعنى موجود في قول المتنبي:

هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق

لكنه ما استوفاه، فإنه ما تعرض لذكر اليوم الذي جعله السلامي وهو الدهر ومع هذا فليس له طلاوة بيت السلامي الذي هو السحر الحلال.

في السنة المذكورة أو في غيرها من عشر الثمانين توفي الإمام الكبير الفقيه الشافعي الشهير إمام مرو، ومقدم الفقهاء الشافعية في زمانه ومكانه، أبو عبد الله محمد بن أحمد الفارسي المروزي الخضري " بكسر الخاء وسكون الضاد المعجمتين وبالراء " وكان من أعيان تلامذة أبي بكر القفال المروزي، أقام بمرو ناشراً فقه الشافعي، وكان يضرب به المثل في قوة الحفظ، وقلة النسيان، وله في المذهب وجوه غريبة، نقلها الخراسانيون عنه. وروي عن الشافعي رضي الله. تعالى عنه صحيح لدلالة الصبي على القبلة، وقال معناه: أن يدل على قبلة تشاهد في الجامع، فأما موضع الاجتهاد فلا يقبل.

وذكر الإمام أبو الفتوح العجلي في كتاب شرح " مشكلات الوجيز والوسيط " إن الإمام أبا عبد الله الخضري المذكور سئل عن قلامة ظفر المرأة، هل يجوز للرجل الأجنبي النظر إليها. فأطرق طويلاً ساكتاً، وكانت تحته ابنه الشيخ أبي علي " الشبوي " بفتح الشين المعجمة والموحدة، فقالت له: لم تفكر؟ قد سمعت أبي يقول في جواب هذه المسألة: إن كانت من قلامة أظفار اليدين جاز النظر إليها، وإن كانت من أظفار الرجلين لم يجز، لأنها عورة. ففرح الخضري وقال: لو لم أستفد من اتصالي بأهل العلم إلا هذه المسألة لكانت كافية. انتهى كلام أبي الفتوح العجلي.

وقال أبو العباس ابن خلكان: هذا التفصيل بين اليدين والرجلين فيه نظر، فإن أصحابنا قالوا: اليدان ليستا بعورة في الصلاة، فأما بالنسبة إلى نظر الأجنبي فما نعرف بينهما فرقاً. انتهى كلام ابن خلكان.

قلت: كلام ابن خلكان المذكور ليس بصواب من وجهين: أحدهما قوله: قالوا اليدان ليستا بعورة، ولم يقل: الكفان. والثاني، قوله: ما يعرف بينهما فرقاً فإنه وإن كان لم يطلع على الفرق، وما في ذلك من الخلاف، فإنه قال ذلك على وجه الاعتراض، وكان حقه أن لا يقول مثل هذا إلا بعد اطلاعه على كلام الأصحاب، فالمسألة منصوص عليها.

قال الإمام الرافعي: النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها، إن خاف الناظر، فيه حرام، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015