وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ... ودون الذي أمليت منك حجاب

وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عنهما وخطاب

وما أنا بالباغي على الحب رشوة ... ضعيف هوى يبغى عليه ثواب

وما شئت إلا أن أدل عواذلي ... على أن رأيي في هواك صواب

وأعلم قوماً خالفوني فشرقوا ... وغربت إني قد ظفرت وخابوا

جرى الخلف إلا فيك أنك واحد ... وأنك ليث والملوك ذباب

وأن مديح الناس حق وباطل ... ومدحك حق ليس فيه كذاب

إذا نلت منك الود فالمال هين ... وكل الذي فوق التراب تراب

وما كنت لولا أنت إلا مهاجراً ... له كل يوم بلدة وصحاب

ولكنك الدنيا إليك حبيبة ... فما عنك لي إلا إليك ذهاب

وأقام المتنبي بعد إنشاد هذه القصيدة بمصر سنة لا يلقى كافوراً غضباً عليه، يركب في خدمته خوفاً منه، ولا يجتمع به، واستعد للرحيل في الباطن، وجهز جميع ما يحتاج إليه، وقال في يوم عرفة سنة خمسين وثلاثمائة قبل مفارقته مصر بيوم واحد قصيدته الدالية التي هجا كافوراً فيها، وفي أخرها:

من علم الأسود المخصي تكرمة ... أأمه البيض أم آباؤه الصيد

وله فيه من الهجو كثير، تضمنه ديوانه، ثم فارقه، وبعد ذلك دخل إلى عضد الدولة.

وذكر بعضهم قال: حضرت مجلس كافور الإخشيذي، فدخل رجل ودعا له، فقال في دعائه: أدام الله تعالى أيام مولانا " بكسر الميم " من أيام، فتكلم جماعة من الحاضرين في ذلك وعلبوه، فقام رجل من أوساط الناس، وأنشد مرتجلاً:

لا غرو إن لحن الداعي لسيدنا ... أو غض من دهش بالريق أو نهر

فتلك هيبة حالت جلالتها ... بين الأديب وبين القول بالحصر

وإن يكن خفض الأيام من غلط ... في موضع النصب لا عن قلة النظر

فقد تفاءلت من هذا لسيدنا ... والفأل مأثورة عن سيد البشر

بأن أيامه خفض بلا نصب ... وأن أوقاته صفو بلا كدر

قوله بالحصر " بفتح الحاء والصاد المهملتين ": العي، وهو أيضاً ضيق الصدر وأخبار كافور كثيرة، ولم يزل مستقلاً بالأمر بعد أمور يطول شرحها إلى أن توفي يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى من السنة المذكورة بمصر على القول الصحيح، ودفن بالقرافة، وقبته هناك مشهورة، ولم تطل مدته في الاستقلال على ما ظهر من تاريخ موت علي بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015