ثمان وخمسين ومائتين

فيها توفي الإمام أبو جعفر الباقي اليامي قاضي الكوفة ثم قاضي همدان، وكان صالحاً عادلاً في أحكامه، وكان يسمى راهب الكوفة بعبادته.

وفيها توفي الحافظ أحمد بن الفرات أحد الأعلام، صنف المسند والتفسير وقال: كتبت ألف ألف حديث وخمسمائة ألف حديث.

وفيها توفي الإمام الحافظ أحد الأعلام محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، سمع عبد الرحمن بن مهدي وطبقته، وأكثر الترحال، وصنف التصانيف، وكان الإمام أحمد يجله ويعظمه، وقال أبو حاتم: كان إمام أهل زمانه.

وفيها توفي الشيخ العارف بحر الحكم والمعارف واعظ عصره وحكيم زمانه بحيى بن معاذ الرازي، ومن كلامه: كيف يكون زاهداً من لا ورع له. تورع عما ليس لك ثم أزهد في مالك. وكان يقول: الجوع للمريدين رياضة، وللتائبين تجربة، وللزهاد سياسة، وللعارفين مكرمة. وقال: من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يصل الجليل من العطاء. وفي هذا المعنى قلت:

جليل العطايا في دقيق التورع ... فدقق تنل عالي المقام المرفع

وتسلم من المحظور في كل حالة ... وتغنم من الخيرات في كل موضع

وتحمد جميل السعي بالفوز في غد ... فسارع إليه اليوم مع كل مسرع

ولا تك مثلي وابناً متخلقاً ... لجوهر عمر عن شر مضيع

تسع وخمسين ومائتين

فيها استفحل أمر يعقوب بن الليث الصفار، واستولى على اقليم خراسان وأسر محمد بن طاهر أمير خراسان، وفيها توفي الإمام الحافظ محمد بن يحيى الأسفرائني شيخ الحافظ أبي عوانة.

وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن موسى بن شاكر أحد الإخوة الثلاثة الذين ينسب إليهم حيل بني موسى، وهم مشهورون بها، وأسماء إخوانه أحمد والحسن، وكانت لهم إليهم عالية في تحصيل العلوم القديمة وكتب الأوائل. وأتعبوا أنفسهم في شأنها، وكان الغالب عليهم من علوم الهندسة والحيل والحركات والموسيقى والنجوم، وهو الأقل. ولهم في الخيل كتاب عجيب نادر، يشتمل على كل غريبة، وهو مجلد واحد، وصفه ابن خلكان بكونه ممتعاً، ومما اختصوا به في ملة الإسلام، وأخرجوه من القوة إلى الفعل، وإن كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015