يحيى بن يحيى، ورحل فأخذ بالقيروان عن سحنون، وبمصر عن أصبغ.
فيها خرج العلوي بالبصرة ودعا إلى نفسه، فبادر إلى إجابة دعوته عبيد أهل البصرة والسودان، ومن ثم الزنج، والتفت إليه كل صاحب فتنة حتى استفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة واستباح البصرة وغيرها، وفعل الأفاعيل، وامتدت أيامه إلى أن قتل في سنة سبع وسبعين.
وفيها توفي الإمام الحبر أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن التميمي الدارمي، صاحب المسند المشهور، ورحل وطوف وسمع النضر بن شميل ويزيد بن هارون وطبقتهما.
وفيها قتل المعتز بالله، أبو عبد الله محمد بن المتوكل، خلعوه وأشهد على نفسه كرهاً، ثم أدخلوه بعد خمسة أيام حماماً فعطس حتى عاين الموت، وهو يطلب الماء بمنع، ثم أعطوه ماء بثلج فشربه. فسقط ميتاً. واختفت أمه وكانت ذات أموال عظيمة، منها ياقوت وزمرد وغيرهما من الجواهر، قوموها بألفي ألف دينار، ولم يكن في خزاين خلافة شيء، فطلبوا من أمه مالاً فلم تعطهم، فأجمعوا على خلعه، ولبسوا السلاح، أحاطوا بدار الخلافة، وهجم على المعتز طائفة منهم فضربوه بالدبابيس، وأقاموه في الشمس حافياً ليخلع فيه نفسه فأجاب، وأحضروا محمد بن الواثق من بغداد، فأول من بايعه معتز بالله، ولقبوا محمداً بالمهدي بالله.
وفيها توفي ذو النوادر والغرائب والظرف والعجائب من حوادث الزمان العوارض، أبو عثمان عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ الكناني الليثي المعتزلي البصري العالم المشهور صاحب التصانيف المفيدة في فنون عديدة، له مقالة في أصول الدين، وإليه تنسب الفرقة معروفة بالجاحظية من المعتزلة، وهو تلميذ إبراهيم بن سيار البلخي المتكلم المشهور، ومن أحسن تصانيفه وأوسعها " كتاب الحيوان "، لقد جمع فيه كل غريبة، وكذلك " كتاب بيان والتبيين ". وكان مع فضائله مشوه الخليفة. وإنما قيل له الجاحظ، لأن عينيه كانتا جاحظتين، أي ناتئتين، ومن جملة أخباره أنه قال: ذكرت للمتوكل لتأديب بعض ولده، فلما رآني استبشع منظري، فأمر لي بعشرة آلاف درهم وصرفني، فخرجت من عنده ولقيت محمد بن إبراهيم يعني إبراهيم بن المهدي، وهو يريد الإنصراف إلى مدينة السلام، فعرض