المكان لو كان فيه رطب، فقال رضي الله تعالى عنه: لعلكم تشهون الرطب، فقالوا: نعم، فقام إلى شجرة، وقال: أقسمت عليك بالذي خلقك، وابتدأك شجرة إلا ما نثرت علينا رطباً جنياً، فنثرت عليهم رطباً جنياً، فأكلوا ثم ناموا، فلما استيقظوا حركوا فنثرت عليهم شوكاً.

ست وأربعين ومائتين

فيها توفي موسى بن عبد الملك الأصفهاني صاحب ديوان الخراج. كان من جملة الرؤساء وفضلاء الكتاب، وله ديوان رسائل، وله شعر رقيق، وخدم جماعة من الخلفاء ومن شعره:

لما وردت الفارسية ... جئت مجتمع الدقاق

وشممت من أرض الحجاز ... نسيم أنفاس العراق

أيقنت لي ولمن أحب ... بجمع شمل واتفاق

وضحكت من فرح اللقاء ... كما بكيت من الفراق

ولهذه الأبيات حكاية مستظرفة ذكرها الحافظ أبو عبد الله الحميدي وغيره من مؤرخي المغاربة، وهي أن أبا علي الحسن بن الأسكري " بضم الهمزة والكاف وسكون السين المهملة بينهما وكسر الراء " المصري قال: كنت من جلساء الأمير تميم بن أبي تميم، فأرسل إلى بغداد، فاشترى له جارية رائقة فائقة الغناء، فلما وصلت إليه دعا جلساءه قال: وكنت فيهم، ثم مدت الستارة وأمرها بالغناء فغنت:

وبدا له بعدما اندمل الهوى ... بريق تألق موهناً لمعانه

الأبيات المعروفة، وأحسنت الجارية الغناء، فطرب الأمير تميم ومن حضر، ثم غنت:

ستسليك عما فات دولة مفضل ... أوأيله محمودة وأواخره

ثنى الله عطفيه وألف شخصه ... على البر مذ شذت إليه الموازره

قال فطرب تميم ومن حضر طرباً شديداً، ثم غنت بيتاً من قصيدة محمد بن رزق الكاتب البغدادي.

أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه

فاشتد طرب الأمير المذكور، وأفرط جداً ثم قال لها: تمني ما شئت، فقالت: أتمنى عافية الأمير وسلامته، فقال: لا والله، لا بد أن تتمني. فقالت: على الوفاء أيها الأمير بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015