عالماً بنحو الكوفيين وعلم القرآن واللغة والشعر راوية ثقة، قد أخذ عن البصريين، وسمع من الأعراب وقال: ابن عساكر: حكى أبو يوسف عن أبي عمرو وإسحاق بن مرار الشيباني محمد بن مهنا ومحمد بن صبيح بن السماك الواعظ. وروى عن الأصمعي وأبي عبيدة الفراء: وجماعة، وروى عنه أحمد بن فرج المقرىء ومحمد بن عجلان الأخباري، وأبو عكرمة الضبي، وأبو سعيد السكري، وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم.
وقال، وقال محمد بن السماك: من عرف الناس داراهم، ومن جهلهم مارآهم، ورأس المداراة ترك المماراة، وكتبه جيدة صحيحة، وهو صحيح السماع، وله حظ من السنن والدين، وكان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز بالله، فلما جلس عنده قال له: بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ، يعني من العلوم؟ فقال: بالإنصراف، قال: فأقوم؟. قال المعتز: فأنا أحق نهوضاً منك، فقام المعتز واستعجل، فعثر بسراويله، وسقط، فالتفت إلى ابن السكيت كالخجل، قد احمر وجهه فأنشد ابن السكيت.
يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه ... وعثرته في الرجل تترا على مهل
فلما كان من الغد، دخل ابن السكيت على المتوكل وأخبره، فأمر له بخمسين ألف درهم وقال: بلغني البيتان، وأمر له بجائزة.
قلت: ومن جناية اللسان على النفس المشار إليها في النظم الذي أنشده ما جرى له مع كونه محقاً مأجوراً شهيداً، وذلك ما ذكروا أنه بينما هو يوماً مع المتوكل، إذ جاء المعتز المؤيد، فقال المتوكل: يا يعقوب أنما أحب إليك، ابناي هذان أم الحسن والحسين؟. فغض ابن السكيت من ابنيه وذكر من محاسن الحسن والحسين ما هو معروف من فضلهما، أمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه، فحمل إلى داره ومات من الغد.
وفي رواية أخرى: إن المتوكل كان كثير التحامل على علي بن أبي طالب وابنيه حسن والحسين، رضوان الله عليهم، وكان ابن السكيت شديد المحبة لهم والميل إليهم، فقال تلك المقالة، فقال ابن السكيت: والله أن قنبر خادم علي رضي الله تعالى عنه، خير منك ومن ابنيك. فقال المتوكل: سلو لسانه من قفاه، ففعلوا به ذلك فمات، رحمه الله تعالى.
وقال ثعلب: أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت، قلت: وهذا موافق لما تقدم من قول المرزباني، وقال أبو العباس المبرد: ما رأيت بغداديين كتاباً أحسن من كتاب ابن السكيت " إصلاح المنطق ". وقال غيره من العلماء: