اليوم مات نظام الملك والسنن ... ومات من كان يسعد على الزمن

وأظلمت سبل الأدب إذا حجبت ... شمس المكارم في غيم من الكفن

وتقدم الثاني فقال:

ترك المنابر والسرير تواضعاً ... وله منابر لو يسافر وسرير

وله المحامد، ولغيره يجبى الخراج ... وإنما يجبى إليه محامد وسرير

وتقدم الثالث فقال:

وليس فتيق المسك ريح حنوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف

وليس صرير العرش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم تقصف

قلت: ومحاسنه كثيرة، ومناقبه شهيرة، سارت بها الركبان، لولا ما صدر عنه عن الإمتحان بخلق القرآن.

وفي السنة المذكورة توفي في الفقيه الإمام أحد العلماء الأعلام أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي، تفقه بالشافعي، وسمع من ابن عيينة وغيره، وبرع في العلم، ولم يقلد أحداً، قال أحمد بن حنبل: هو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة في تصنيفه في الأحكام بين الحديث والفقه، وكان أول اشتغاله في مذهب أهل الرأي حتى قدم الشافعي العراق فاختلف إليه واتبعه ورفض مذهبه الأول.

وقال له محمد بن الحسن يوماً: يا أبا ثور، حسبت هذا الحجازي قد غلبنا عليك، فقال: أجل، الحق معه، ولم يزل مائلاً إلى مذهب الشافعي إلى أن توفي.

وفي السنة المذكورة توفي الحسن بن عيسى النيسابوري، وكان ورعاً دينا أسلم على يد ابن المبارك، وسمع الكثير منه ومن ابن الأحوص وطائفة، ولما مر ببغداد حدث بها، وعدوا في مجلسه اثني عشر ألف محبرة.

وفيها توفي أبو العميثل " بفتح العين والميم والمثلثة وسكون المثناة من تحت قبل المثلثة " عبد الله بن خليل مولى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، كان يعجم الكلام ويعربه، وكان كاتب عبد الله بن طاهر وشاعره، وكاتب أبيه طاهر من قبله، وكان مكثراً من ثقل اللغة، عارفاً بها شاعراً مجيداً، ومن شعره في عبد الله بن طاهر قوله:

يا من يحاول أن يكون صفاته ... كصفات عبد الله أنصت وأسمع

فلقد نصحتك في المشورة والذي ... حج الحجيج إليه فاسمع أودع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015