والهيثم إلى أن بلغوا من ذكر ألفاظ من أصحاب الحديث، فأخذوا في الزهري والشعبي وقتادة وشعبة وسفيان، فقال أبو عبيدة: وما الحاجة إلى ذكر هؤلاء الجلة. وما ندري: أصدق الخبر عنهم أم كذب. إن بالحضرة رجلاً يزعم أنه ما نسي شيئاً، وأنه ما يحتاج أن يعيد نظره في دفتر، إنما هي نظرة، ثم قد حفظ ما فيه، " يقصد الأصمعي " فقال الحسن: نعم يا أبا سعيد، تخبر من هذا إنما ينكر جداً، فقال الأصمعي: نعم أصلحك الله ما أحتاج أن أعيد النظر في دفتر، وما أنسيت شيئاً قط، فقال الحسن: فنحن نجرب هذا القول بواحدة، يا غلام، هات الدفتر الفلاني، فإنه يجمع كثيراً مما قد أنشدتناه، وحدثتناه، قال: فأدبر الغلام ليأتي بالدفتر، فقال الأصمعي: أعزك الله وما الحاجة إلى هذا. أنا أريك ما هو أعجب منه، أنا أعيد القصص التي مرت وأسماء أصحابها وتوقيعاتها كلها، فامتحن ذلك بالنظر إليها، وقد كان الحسن قد عارض بتلك التوقيعات، وأثبتها في دفتر البيت، قال: فأكبر ذلك من حضر، وعجبوا واستضحكوا، فقال الحسن: يا غلام، اردد القصص، فردت وقد شدت في خيط كي يتحفظ، فابتدأ الأصمعي، فقال: القصة الأولى لفلان ابن فلان قصة كذا وكذا، ووقعت أعزك الله بكذا وبكذا - حتى أنفذ على هذا السبيل سبعاً وأربعين قصة، فقال الحسن بن سهل: يا هذا حسبك الساعة، والله أقبلك بعين، يعني أصبتك بعيني، يا غلام، أحضر خمسين ألفاً، فأحضرها بحراً، ثم قال: يا غلمان، احملوا معه إلى منزله، قال: فتبادر الغلمان بحملها، فقال: أصلحك الله تنعم بالحامل كما أنعمت بالمحمول. قال: هم لك، ولست منتفعاً بهم، واشتريتهم منك بعشرة آلاف درهم، احمل يا غلام مع أبي سعيد ستين ألفاً، قال: فحملت معه، وانصرف الباقون بالخيبة، فقال أبو حاتم: ما رأيت رجلاً أحسن ترجمة من الأصمعي، وسألته: لأي شيء قدم جرير بن قدامة. قال: كان أعرفهم وأعز لهم وأقدمهم رقة، وأتحمهم هجاء، قال أبو حاتم: معنى التحكم " بالمثناة من فوق والحاء المهملة " التي أنصبتهم.
وروى الرياشي عن الأصمعي قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن ثمانية آلاف مسألة، وما مات حتى أخذ وفي رواية أخرى: ما مات حتى كتب: أو رد عليه الحرف الذي لا يعرفه، فيقبله مني ويتعقد ثقة.
وذكر في " المقتبس " أنه لما قدم الرشيد البصرة، قال جعفر بن يحيى للصباح بن