المذاهب، في كلام طويل قال في آخره: قلت: فأخذ يقول: الشافعي، قال ما هو له، يقول: إنه أخذ بسنتي ورد على من خالفها.
فكذلك ذكر الإمام الشيخ أبو إسحاق أيضاً في الطبقات، عن الإمام أبي عبد الله محمد بن نصر المروزي، أنه كان قاعداً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأغفى إغفاءة، فرأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله عمن يأخذ بقوله كما تقدم، فعد إماماً بعد أمام، حتى جاء إلى الإمام الشافعي، قال: فقلت كتب رأي الشافعي؟ ، فطأطأ صلى الله عليه وآله وسلم رأسه. شبه الغضبان، وقال: تقول رأي ليس بالرأي، وهو رد على من خالف سنتي.
وشيوخ الشافعي الذين أخذ عنهم جماعة منهم: مسلم بن خالد الزنجي وسفيان بن عيينة، كلاهما في مكة، ومالك بن أنس في المدينة.
وأما أصحابه الذين أخذوا عنه، فمنهم الذين رووا كتبه القديمه في العراق، وهم جماعة منهم: الإمام أحمد بن حنبل، والزعفراني والكرابيسي وأبو ثور، ومنهم الذين رووا كتبه الجديدة بمصر وهم جماعة أيضاً، منهم المزني والبويطي وحرملة وابن عبد الأعلى وابن عبد الحكم، والربيعان المرادي، والحيري. ثم رجع ابن عبد الحكم بعد موت الشافعي إلى مذهب أبيه، وكان مالكياً، قيل: إنما فعل ذلك لما عدل الشافعي عن استخلافه وتقديمه في حلقته بعد موته، وقد كان استشرف بها إلى يعقوب البويطي، فإن الشافعي سئل: من يخلفك؟ فقال: سبحان الله، أيشك في هذا؟ يخلفني أبو يعقوب البويطي، فراعى الشافعي النصيحة والمصلحة محافظة على الدين، ولم يمل عن ذلك إلى محمد بن عبد الحكم مع كونه محبباً ومحسناً إليه.
وفي السنة المذكورة توفي فقيه الديار المصرية أشهب بن عبد العزيز العامري، صاحب الأمام مالك، وكان ذا مال وحشمة وجلالة. قال الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، لولا طيش فيها، وذكروا أن المناقشة كانت بينه وبين ابن القاسم، وانتهت الرئاسة بمصر، بعد ابن القاسم. وقال ابن عبد الحكم: سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت، فذكر ذلك للشافعي فقال متمثلاً:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تزود بأخرى غيرها، وكأن قد..
قال: فلما مات الشافعي، اشترى أشهب من تركته عبداً، ثم مات أشهب، فاشتريت أنا ذلك العبد، وذكروا أنه كان موت أشهب بعد الشافعي بشهر وقيل بثمانية عشر يوماً.