قال: ورأيته بعد موته في المنام، فقلت له: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك. فقال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب.
وقال شيخنا الكبير العارف بالله الخبير نور الدين علي بن عبد الله المعروف بالطواشي نسباً، الشافعي ثم الصوفي مذهباً، قدس الله روحه: رأيت الشافعي رضي الله تعالى عنه تحت سدرة المنتهى، وأشك، هل ذلك في المتام. أو في حال ورد عليه. وقد اتفق العله قاطبة من أهل الفقه والحديث والأصول واللغة والنحو وغير ذلك على جلالته وبراء وفضيلته وإمامته وتقواه وديانته وورعه وزهادته وجوده وسماحته ومروؤته ونزاهته وحسن سيرته ولطافته. وله من الأشعار ما يخرج عن حيز الإنحصار، وقد ذكرت شيئاً من ذلك كتابي المذكور قريباً، ومن القول المنسوب إليه:
بقدر الكد تكتب المعالى ... ومن رام العلى سهر الليالي
وقوله:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى ... وسافر، ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم، واكتساب معيشة ... علم وآداب وصحبة ماجد
وقوله:
أخي، لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن مكنونها بيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وإرشاد أستاذ وطول زمان
ولما مات رثاه خلق كثير بمرات كثيرة. من ذلك قول بعض أئمة اللغة وهو ابن دريد:
ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الأعلام وهي قوارع
مناهج فيها للورى متصرف ... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستنبطاتها ... لما حكم التفريق فيها، جوامع
ترى ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المعضلات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن لامع
وقول نفطويه: مثل الشافعي في العلماء مثل البدر في نجوم السماء.
قلت: وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله أن الإمام الورع الزاهد أبا جعفر محمد بن أحمد الترمذي رحمه الله تعالى، رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام المدينة في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم عام حج، فسأله عمن يأخذ بقوله من أئمة