وقال محفوظ بن أبي توبة البغدادي: رأيت الإمام أحمد عند الإمام الشافعي في لمسجد الحرام، فقلت: يا أبا عبد الله، هذا سفيان بن عيينة في ناحية المسجد يحدث، قال: إن هذا يفوت، وذلك لا يفوت.
وقال أبو حسان الزيادي: ما رأيت محمد بن الحسن يعظم أحداً من أهل العلم تعظيمه للشافعي.
وقال الشافعي: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لي: يا غلام، من أنت. قلت: من رهطك يا رسول الله، فقال: ادن مني، فدنوت منه، فأخذ من ريقه المبارك، فتحت فمي، فأمر من ريقه على لساني وفمي وشفتي، وقال: امض، بارك الله فيك.
قال: ورأيت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في النوم أيضاً، فسلم، فصافحني، وخلع خاتمه وجعله في إصبعي، وكان لي عم، ففسرها لي فقال: أما مصافحتك لعلي فهو أمان من العذاب، وأما خلعه خاتمه وجعله في أصبعك، فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في المشرق والمغرب.
قلت: ومن التحدث بنعم الله، مما يقرب من مناسبته، هذا ما رأيت، والحمد لله، كأني أطوف بالكعبة، ومعي الملك الناصر، وفي إصبعي خاتم علي، فعسى أن يكون تأويلها إن شاء الله تعالى البركة والهدى والنصر والعلو في الدين.
وكذلك رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مراراً عديدة، دعا لي في بعضها، وفي بعضها أعطاني من ثمار الفاكهة الخضراء، وفي بعضها شكوت عليه شيئاً بلسان الحال، فتبسم وقال: أنا ظهرك، وأنا سندك، وسماني شيخاً وإماماً وفقيهاً، وأكلت من طبق رطب بين يديه، وحرص بعض الأخيار على حضور مجلس، وحملني صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعني على منبر، وأركبت فرساً، وحملت الغاشية بين يدي. رأى كل هذا لي جماعة من الأولياء السادات.
ورأيت بعضه، ورأى بعضهم أني جالس على سجادة بيضاء مفروشة تجاه وجهه صلى
الله عليه وآله وسلم وناس من خلفي، والحمد لله على جميع الآلاء والأفضال، وعلى كل، حال من الأحوال.
رجعنا إلى ذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه وذكر غير واحد من الأئمة ما تقدم من إن الشافعي أول من تكلم عن أصول الفقه، وهو الذي استنبطه، وأول من علل الحديث،