غريب بالنسبة إلى سطوته، ولو وقع مثل هذا التكرار والمعاودة مع الحجاج لكان يفضي إلى قتل أو عقوبة شديدة، ووقوع مثل هذا مع المنصور مع بذل هذه الأموال أمر عجيب.
وفيها: توفي الإمام الجليل المعظم سلالة السادة الأكارم أبو الحسن علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أحد الأئمة الأثني عشر، أولي المناقب الذين انتسبت الإمامية إليهم، وقصروا بناء مذهبهم عليه. وكان المأمون قد زوجه ابنته أم حبيية، وجعله ولي عهده، وضرب اسمه على الدينار والدرهم. وكان السبب في ذلك أنه استحضر أولاد العباس الرجال منهم والنساء، وهو بمدينة مرو من بلاد خراسان، وكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفاً بين كبير وصغير، واستدعى علياً المذكور، فأنزله أحسن منزل، وجمع خواص الأولياء، وأخبرهم أنه نظر في أولاد العباس وأولاد علي بن أبي طالب، فلم يجد أحداً في وقته أفضل، ولا أحق بالخلافة من علي الرضا فبايعه، وأمر بإزالة السواد من اللباس والأعلام، وإبدال ذلك بالخضرة.
ونمي الخبر إلى من بالعراق من أولاد العباس، فعلموا إن في ذلك خروج الأمير عليهم، فخلعوا المأمون، وبايعوا منصور بن المهدي عم المأمون، ولقبوه بالمرتضى، فضعف عن الأمر وقال: إنما أنا خليفة المأمون. فتركوه وعدلوا إلى أخيه إبراهيم بن المهدي، بايعوه بالخلافة، ولقبوه بالمبارك، وذلك يوم الجمعة لخمس خلون من المحرم من السنة المذكورة، وقيل سنة اثنتين وثلاث مائة.
وجرت بالعراق حروب شديدة وأمور مزعجة، والشرح في ذلك يطول.
وكانت ولادة علي الرضا يوم الجمعة في بعض شهور سنة ثلاث وخمسين ومائة بالمدينة، وقيل: بل ولد في سابع شوال، وقيل: ثامنه، وقيل سادسه سنة إحدى وخمسين ومائة، وتوفي: خامس ذي الحجة، وقيل: ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث، وقيل: في آخر يوم من صفر سنة اثنتين ومائتين بمدينة طوس، وصلى عليه المأمون، ودفنه ملتصق قبر أبيه الرشيد.
وكان سبب موته على ما حكوا، أنه كل عنباً فكثر منه، وقيل: بل مات مسموماً،