وقال محمد بن الحسين: سمعت أبي يقول: رأيت معروفاً الكرخي في النوم بعد موته، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقلت: بزهدك وورعك؟ قال: لا بل بقبول موعظة ابن السماك ولزومي الفقر ومحبتي للفقراء. وكانت موعظة ابن السماك قوله: من أعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملته ومن أقبل على الله بقلبه أقبل الله برحمته عليه، وأقبل بوجوه الخلق إليه، ومن كان مرة ومرة فالله يرحمه وقتاً ما، قال فوقع كلامه في قلبي وأقبلت على الله تعالى وتركت جميع ما كنت عليه. وذكر بعضهم، انه سمع مشايخ بغداد يحكون أن عون الدين بن هبيرة كانت سبب وزارته أنه قال: قد ضاق ما بيدي. حتى فقدت القوة أياماً، فأشار علي بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رضي الله تعالى عنه، واسأل الله عنده، فإن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف الكرخي، فصليت عنده، ودعوت، ثم خرجت لأقصد البلد يعني بغداد، فاجتزت بمحلة من محال بغداد، فرأيت مسجداً مهجوراً، فدخلله لأصلي فيه كعتين، فإذا بمريض ملقى على بارية، فقعدت عند رأسه وقلت له: ما تشتهي؟ فقال: سفرجلة، قال: فخرجت إلى بقال هناك، فرهنت ميزرتي على سفرجلتين وتفاحة وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة ثم قال أغلق باب المسجد فأغلقته فتحنى عن البارية، وقال: احفرها هنا، فحفرت فإذا بكوز، فقال: خذ هذا فأنت أحق به، فقلت أما لك وارث؟ قال: لا إنما كان لي أخ، وعهدي به بعيد، وبلغني أنه مات، ونحن من الرصافة، قال: فبينما هو يحدثني إذ قضى
نحبه، فغسلته وكفنته ودفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمس مائة ينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا بملاح في سفينة عتيقة وعليه ثياب رثة، فقال: معي معي، فنزلت معه وإذا به من أكبر الناس شبهاً بذلك الرجل، فقلت: من أين أنت؟ فقال: من الرصافة ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت: ما لك أحد؟ قال: لا وكان لي أخ ولي عنه زمان وما أدري ما فعل الله به، فقلت: ابسط حجرك، فبسط فصببت المال فيه، فبهت فحدثته الحديث، فسألني أن آخذ نصفه، فقلت: والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخليفة، وكتبت رقعة، فخرج عليها أشراف المخزن، ثم تدرجت إلي الوزارة، ومناقب معروف كثيرة، وفضائله شهيرة، وموضع ذكر شيء منها كتب السلوك. وفيها توفي أبو البختري وهب بن وهب القرشي الأسلي المدني، حدث عن العمري وجعفر الصادق وهشام بن عروة وغيرهم. وروى عنه غير واحد، وكان متروك الحديث، ينسب إلى وضعه، وتولى القضاء