فلبست ثياباً جدداً، وتطيبت بما أمكن من الطيب، ثم خرجنا فمضينا حتى أتينا دار أمير المؤمنين هارون الرشيد، فإذا هو واقف، فقال الرسول: قد جئت به، فقلت للمسرور: يا أبا هاشم، افتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قال: لا. قلت: فمن عنده؟ قال: عيسى بن جعفر، قلت: ومن؟ قال: ما عندهما ثالث، ثم قال لي مر فإذا صرت في الصحن فإنه في الرواق، وهو جالس، فحرك رجلك، فإنه سيسألك، فقل: انا فلان. قال أبو يوسف: فجئت ففعلت ذلك، فقال: من هذا؟ فقلت يعقوب، قال: ادخل، فدخلت، وهوجالس وعن يمينه عيسى بن جعفر، فسلمت عليه فرد علي السلام، قال: اظننت روعناك فقلت اي والله، كذلك من خلفي، فقال: اجلس فجلست حتى سكن روعي، ثم التفت إلي وقال: اتدري يا يعقوب لم دعوتك؟ قلت: لا، قال دعوتك لأشهدك على هذا أن عنده جارية سألته أن يهبها إلي فامتنع، وسألته أن يبيعها فأبى، ووالله لئن لم يفعل لأقتلنه، قال أبو يوسف: فالتفت إلى عيسى، فقلت: وما بلغ الله جارية تمنعها أمير المؤمنين، وتنزل نفسك هذه المنزلة، قال: فقال: لي: عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي، قلت: وما في هذا من الجواب؟ قال: ان علي يميناً بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك أن لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها، فالتفت الي الرشيد، فقال: هل له من ذلك من مخرج؟ قلت: نعم قال: وما هو؟ قلت: يهب لك نصفها ويبيعك نصفها، فيكون لم يهب ولم يبع، قال عيسى ويجوز ذلك؟ قلت: نعم. قال: فأشهدك أني قد وهبت ته نصفها وبعته نصفها الباقي بمائة ألف دينار، ثم قال: الجارية، فأتي بالجارية وبالمال، فقال: خذها يا أمير المؤمنين بارك الله لك فيها. فقال الرشيد: يا يعقوب بقيت واحدة، قلت: وما هي؟ قال: هي مملوكة ولا بد أن تستبرأ، ووالله لئن لم أبت معها ليلتي هذه إني لأظن أن نفسي ستخرج، فقلت يا أمير المؤمنين، تعتقها وتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ، فقال: اني قد أعتقتها فمن يزوجنيها؟ افقلت: انا فدعي بمسرور وحسين، فخطبت وحمدت الله تعالى ثم زوجته إياها على عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها، ثم قال لي يا يعقوب انصرف ورفع رأسه إلى مسرور، فقال يا مسرور، قال: لبيك، فقال: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وكذا وكذا من الثياب، فحمل ذلك معي، قال بشر بن الوليد: فالتفت إلي أبي يوسف وقال، هل رأيت بأسا فيما فعلت؟ فقلت: لا. قال خذ حقك منها، قلت: وما حقي؟ قال: العشر، قال بشر: فشكرته ودعوت له وذهبت لأقوم، فاذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف إن بنتك تقرئك السلام وتقول لك: والله ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي قد عرفته، وقد حملت إليك النصف منه وخلفت الباقي لما احتاج إليه. فقال: رديه ووالله لا أقبلها أخرجتها من الرق وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بهذا؟ قال بشر فلم نزل نتلطف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015