ومنه قول المتنبي:

إن ترمني نكبات الدهر عن كثب ... ترام امرأًغير رعديد ولا نكس

والرعديد بكسر الراء المهملة وسكون العين المهملة وكسر الدال والمثناة من تحت بين الدالين المهملتين والكثب بفتح الكاف والمثلثة وفي آخره موحدة القرب والنكس بكسر النون: الرجل الضعيف قلت ويحتمل أنهم أرادوا ضعيف الجسم ويحتمل ضعيف القلب. وأما ما ورد في الحديث: " أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف " فالأصح عند أئمة الحديث أن المراد به قوة القلب كما أن الغني المطلوب في الحديث هو غني النفس عندهم. وقد ورد عن بعض السلف أن الفالوذج لباب الحنطة يطبخ بالعسل، وقد اقتصرت على هذا القدر من محاسن ابن المبارك البحر، وعمره ثلاث وستون سنة، وسمع من هشام بن عروة وحميد الطويل ومن في طبقتهما، وصنف التصانيف الكثيرة، وحديثه نحو من عشرين ألف حديث. قال أحمد بن حنبل لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وقال شعبة: ما قدم علينا مثله، وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين. وعن شعيب بن حرب: ما لقي ابن المبارك مثل نفسه، وقال غيره: كانت له تجارة واسعة، وكان ينفق على الفقراء في السنة مائة ألف درهم، وكان يحج سنة ويغزو سنة. وروي عن الإمام سفيان الثوري أنه قال: رددت أن عمري كله بثلاثة أيام من أيام ابن المبارك، وموته قيل في هيت عند انصرافه من الغزو في شهر رمضان من السنة المذكورة، وقيل توفي في بعض البراري سائحاً مختاراً للعزلة والخمول بعد الشهرة والجاه العظيم الذي شرحه يطول، والله أعلم بحقيقة الأمور.

سنة اثنتين وثمانين ومائة

فيها سملت الروم عيني طاغيتهم قسطنطين، وملكوا عليهم أمه وفيها توفي عبد الله بن عبد الرحمن الكوفي الحافظ، وفيها توفي عمار بن محمد الثوري الكوفي ابن أخت سفيان، قال ابن عرفة: وكان لا يضحك، وكنا لا نشك أنه من الأبدال.

وفيها على الأصح توفي عالم أهل الكوفة يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الحافظ، عاش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015