عن الحكم بن عتيبة وعمرو بن مرة وخلق، وقال ابو حاتم: كان أعلم زمانه بحديث ابن مسعود، رضي الله عنه.
فيها ظهر عطاء الساحر الشيطان الذي ادعى الربوبية بناحية مرو، واستغوى خلائق لا يحصون، وأري الناس قمراً ثانياً فيئ السماء، كان يرى ذلك إلى مسيرة شهرين. وفيها توفي أبو دلامة بن زند بن الجون، وكان صاحب نوادر وحكايات وأدب ونظم، ذكر ابن الجوزي أنه توفيت لأبي جعفر المنصور ابنة عم فحضر جنازتها وحو متألم لفقدها كئيب، فاقبل أبو دلامة وجلس قريباً فقال له المنصور: ويحك ما أعددت لهذا المكان؟ وأشار إلى القبر، فقال: ابنة عم أمير المؤمنين، فضحك المنصور حتى استلقى، ثم قال له: ويحك فضحتنا بين الناس. ولما قدم المهدي بن منصور من الري إلى بغداد، خل عليه أبو دلامة للسلام والتهنية بقدومه، فقال له المهدي: كيف أنت يا أبا دلامة؟ فأنشد:
إني حلفت لئن رأيتك سالماً ... بقرى العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على الرسول محمد ... ولتملأن دراهماً حجري
فقال له المهدي: اما الأولى فنعم، وأما الثانية فلا، فقال: جعلني الله فداك، انهما كلمتان لا تفرق بينهما، فقال: يملأ حجر أبي دلامة دراهم، فقعد وبسط حجره فملأه دراهم، وقال له: قم الآن يا أبا دلامة، فقال: ينحرق قميصي يا أمير المؤمنين، فردها إلى الاكياس، ثم قام. ومن أخباره: انه مرض ولده فاستدعى طبيباً ليداويه، وشرط له جعلا معلوماً، فلما برأ قال له والله ما عندنا شيء نعطيك، ولكن ادع على فلان اليهودي، وكان ذا مال كثير بمقدار الجعل، وأنا وولدي نشهد بذلك، فمضى الطبيب إلى القاضي يومئذ، وحمل اليهودي إليه، وادعى عليه بذلك المبلغ، فأنكر اليهودي، فقال: ان لي عليه بينة وخرج لاحضار البينة، فأحضر أبا دلامة وولده، فدخلا إلى المجلس، وخاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية فأنشد في الدهليز قبل دخوله إلى القاضي بحيث يسمع القاضي:
إن الناس غطوني تغطيت عنهم ... وإن بحثوا عني ففيهم مباحث
وإن ينبثوا بيري نبثت بيارهم ... ليعلم قوم كيف تلك البثائث
ثم حضر بين يدي القاضي وأديا الشهادة، فقال له القاضي: كلامك مسموع وشهادتك