قال أفتعلم لك موضعاً تختفي فيه؟ قال:

فمرلي يا بن زائدة بمال ... وزاد إذ عزمت على المسير

قال يا غلام أعطه ألف درهم قال:

قليل ما أمرت به وأني ... لأطمع منك بالشيء الكثير

قال: يا غلام زيادة ألف درهم.

كأنك إذ ملكت الملك زرنا ... بلا عقل ولا جاه خطير

قال يا غلام زيادة ألف درهم قال:

ملكت الجود والأفضال جميعاً ... فبذل يديك كالبحر الغزير

قال ضاعف له الحسنات، فضاعف له الحسنات بستة آلاف، ولمعن تروى أشعار جيدة، فمن ذلك قوله في خطاب ابن أخي عبد الجبار وقد رآه يتبختر بين السماطين بعدما لقي الخوارج وفر منهم:

هلا مشيت كذا غداة لقيتهم ... وصبرت عند الموت يا خطاب

نجاك خوار العنان كأنه ... تحت العجاج إذ كان تحت عقاب

وتركت صحبك والرماح تنوشهم ... وكذاك من قعدت به الأحساب

ومما روى الخطيب في تاريخه عن أبي عثمان المازني النحوي قال: حدثني صاحب شرطة معن قال: بينما أنا على رأس معن إذا هو براكب يوضع، فقال معن ما أحسب الرجل يريد غيري، ثم قال لحاجبه لا تحجبه، قال فجاء حتى مثل بين يديه وأنشد.

أصلحك الله قل ما بيدي ... فما أطيق العيال إن كثروا

ألح دهر ألقى بكلكلة ... فأرسلوني إليك وانتظروا

فقال معن وأخذته أريحية: لا جرم والله لأعجلن أوبتك. ثم قال: يا غلام الناقة الفلانية وألف دينار، فدفعها إليه وهو لا يعرفه، قلت وهذا كله مما يدل على عظم جود معن وشجاعته. ومما يدل على حلمه وشماحته: ما حكي أنه لما طلب أبو جعفر المنصور الإمام سفيان الثوري لينتقم منه بزعمه لما كان سفيان ينكر عليه ويغلظ له القول، سافر إلى أرض اليمن متغيباً عن شره، فلم يزل ينتقل في اليمن من بلد إلى بلد ومن قرية إلى قرية، وكان يقرأ عليهم حديث الضيافة ليضيفوه ويسلم من سوء الهم، فلما أوى بعض القرى ذات ليلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015