حملها، والمرضع وضعت يديها على ثديها فعلمت أنها مرضع، والعذراء وضعت يدها بين رجليها أوكما قال فعلمت أنها بكر. وسمع يهودياً يقول: ما أحمق المسلمين يزعمون أن أهل الجنة يأكلون ولا يحدثون، فقال له: افكلما تأكله تحدثه؟ قال: لا لأن الله تعالى يجعله غذاء، قال: فلم تنكر أن تعالى يجعل كل ما يأكله أهل الجنة غذاء. ونظر يوماً إلى آجرة بالرحبة وهو بمدينة واسط، فقال: تحت هذه الآجرة دابة. فرفعوا الآجرة فإذا تحتها حية منطوية، فسألوه عن ذلك فقال: اني رأيت ما بين الآجرتين ندياً من بين تلك الرحبة، فعلمت أن تحتها شيئاً يتنفس. وقال رأيت في المنام كأني وأبي على فرسين، فجريا معاً فلم أسبقه ولم يسبقني، وعاش أبي ستاً وسبعين سنة وها أنا فيها، فلما كانت آخر لياليه قال: هذه ليلة استكمل فيها عمر أبي، ونام، فأصبح ميتاً رحمه الله تعالى. وله من ذا غرائب وعجائب يعجز عن حصرها الكاتب. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى نائبه بالعراق عدي بن أرطأة أن أجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الجرشي قبول قضاء البصرة أنفذهما، فجمع بينهما، فقال إياس: ايها الأمير سل عني وعنه فقيهي المصر الحسن وابن سيرين، وكان القاسم يأتيهما وإياس لا يأتيهما، فعلم القاسم أنه إن سألهما أشارا به، فقال: لا تسأل عنه ولا عني، فوالله الذي لا إله إلا هو إنه أفقه وأعلم بالقضاء مني. فإن كنت كاذباً فما يحل لك أن توليني وأنا كاذب، وإن كنت صادقاً فينبغي لك أن تقبل قولي، فقال له إياس إنك جئت برجل أوقفته على شفير جهنم فنحى نفسه عنها بيمين كاذبة يستغفر الله تعالى منها وينجو مما يخاف فقال عدي بن أرطأة: اما إذ فهمتنا فأنت لها فاستقضاه. وروي عن إياس إنه قال ما غلبني أحد قط سوى رجل واحد، وذلك أني كنت في مجلس القضاء فدخل علي رجل شهد عندي أن البستان الفلاني وذكر حدوده هو ملك فلان، فقلت له كم عدد شجره فسكت، ثم قال: لي منذ كم يحكم سيدنا القاضي في هذا المجلس؟ فقلت: منذ كذا. فقال: كم عدد خشب سقفه؟ فقلت: الحق معك، وأجزت شهادته.
وكان يوماً في برية فأعوزهم الماء وسمع نباح كلب، فقال: هذا على رأس بير فاستقرؤوا النباح فوجدوه كما قال، فقيل له في ذلك فقال: لأني سمعت الصوت كالذي يخرج من بير أو قال كأنه يخرج من بير.