لها، فقلت: صفها لي، فقال: مستوية الوجه طويلة الخد شماء الأنف عليها وسم جمال. قلت: اكانت تنشدك شيئا مما قال فيها ذو الرمة؟ قال نعم. ومن شعره السائر:
إذا هبت الأرواح من نحو جانب ... فقد هاج في قلبي تشوق هبوبها
هوى تذرف العينان منه وإنما ... هوى كل نفس حيث حل حبيبها
وكان ذو الرمة يشبب أيضا بخرقاء، وهي من بني عامر بن صعصعة، وسبب تشبيبه بها أنه مر في سفر ببعض البوادي فإذا خرقاء خارجة من خباء، فنظر إليها فوقعت في قلبه، فخرق أدواته ودنا منها يستطعم كلامها، فقال: اني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت أداوتي فأصلحها لي. فقالت: اني والله لا أحسن العمل، وأني لخرقاء، والخرقاء التي لا تعمل شغلا لكرامتها على أهلها، فشبب بها ذو الرمة وسماها خرقاء.
قلت الخرق في اللغة ضد الرفق، ومنه قول الإمام الشافعي في الطهارة بالماء قد يرفق بالقليل فيكفي ويخرق بالكثير لا يكفي، ومن شعره المشار به إلى خرقاء بطريق المبالغة المفرطة قوله:
وما شبنا خرقاء واهبة الكلا ... سقى بهما ساق ولم يتبلل
باضيع من عينيك للدمع كلما ... تذكرت ربعا أو توهمت منزل
اوقال أبو الفضل العتبي كنت أنزل على بعض الأعراب إذا حججت، فقال لي يوما هل لك أن أريك خرقاء صاحبة ذي الرمة؟ فقلت: ان فعلت فقد بررتني فتوجهنا جميعا نريدها، فعدل بي عن الطريق بقدر ميل، ثم أتينا أبيات شعر واستفتح بيتا ففتح له فخرجت علينا امرأة طويلة حسناء بها قوة، وسلمت وجلست تحدثنا ساعة، ثم قالت لي: هل حججت قط؟ قلت غير مرة فقالت أما سمعت قول ذي الرمة:
تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء كاشفة اللثام
أما علمت أني من مناسك الحج؟ مع كلام آخر حذفت ذكره. وإنما قيل لها ذو الرمة لقوله في الوتد أشعث باقي رمة التقليد والرمة بضم الراء الحبل وبكسرها العظم البالي. ومن قول ذي الرمة يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه مخاطبا ناقته:
إذا ابن أبي موسى بلالاً بلغته ... فقام بفأس بين وصليك حارز
وهذا المعنى أخذه من قول الشماخ في عرابة الأوسي يخاطب ناقته: