البحر مائتان وسلم ست مائة. قال أبو القاسم السهيلي: والقول الأول أشبه بالصواب إذ يبعد مقاومة الحبشة بست مائة فارس، فلما وصل الجيش إلى اليمن جرت الوقعة بينهم وبين الحبشة فاستظهرت الفرس عليهم وأخرجوهم من البلاد، وملك سيف بن ذي يزن ووهوز وأقاموا أربع سنين، وكان سيف بن ذي يزن قد اتخذ من أولئك الحبشة خدماً، فخلوا به يوماً وهو في مصيد له فرموه بحرابهم فقتلوه، وهربوا في رؤوس الجبال، وطلبهم أصحابه فقتلوهم جميعاً، وانتشر الأمر باليمن، ولم يملكوا عليهم أحداً غير أن كل ناحية ملكوا عليهم رجلاً من حمير، فكانوا ملوك الطوائف حتى أتى الله بالإسلام، ويقال إنها بقيت في أيدي الفرس ونواب كسرى فيها، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وباليمن من قواد ملكهم عاملان، احدهما فيروز الديلمي والآخر دادويه، فأسلما، وهما اللذان دخلا على الأسود العنسي مع قيس بن المكشوح لما دعى الأسود النبوة باليمن وقتلوه، والمقصود من هذا كله إن جيش الفرس لما استوطنوا اليمن تأهلوا ورزقوا الأولاد، فصار أولادهم وأولاد أولادهم يدعون الأبناء لأنهم من أبناء أولئك الفرس، وكان طاوس العالم المقدم ذكره في سنة ست ومائة منهم، وتوفي وهب المذكور بصنعاء اليمن وعمره تسعون سنة، رحمة الله عليه.
فيها وقيل في التي قبلها توفي الفقيه أبو محمد الحكم بن عتيبة الكوفي مولى كندة، كان إذا قدم المدينة أخلوا سارية النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إليها، قال الأوزاعي: قال لي عبدة بن أبي لبابة ألقيت الحكم؟ قلت: لا قال: فألقه فما بين لابتيها أفقه منه. وفيها توفي القاضي أبو سهل عبد الله بن بريدة الأسلمي، روى عن عائشة وطائفة، وفيها توفي الضحاك بن فيروز الديلمي من أبناء الفرس الذين سكنوا اليمن، صحب ابن الزبير وعمل له على بعض بلاد اليمن، وروى عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم.
فيها توفي عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي وعمرو بن مرة المرادي، وكان حجة حافظاً. قال معمر: ما أدركت أحداً أفضل منه، وفيها توفي محارب بن دثار الدوسي قاضي الكوفة، سمع ابن عمر وجابر أو طائفة رضي الله عنهم.