يا باقر العلم لأهل التقى ... وخير من ركب على الأجبل

وقال عبد الله بن عطاء ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند محمد بن علي ومن كلامه رضي الله عنه: من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه، وما عسى أن تكولن الدنيا؟ هل هو إلا مركب ركبته، او ثوب لبسته، او امرأة أصبتها، او أكلة أكلتها. وقال إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة وأكدرهم معونة، ان نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله تعالى قوامين بأمر الله عز وجل، فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت عنه، او كما أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء، وقال الغناء والعز يجولان في قلب المؤمن فإذا وصل إلى مكان فيه التوكل استوطنا. قلت يعني وإن لم يجدا فيه توكلا رحلاً عنه، وفي معنى ذلك قلت:

يجول الغنا والعز في قلب مؤمن ... فإن الذيا جوف القلوب توكلا

أقاما فأمسى العبد بالله ذاعناً ... عزيز وإن لم يلقياه ترحلا

وقال رضي الله عنه: كان لي أخ في عيني عظيماً، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينيه، عاش رضي الله تعالى عنه ستاً وخمسين سنة، ودفن في البقيع مع أبيه وعم أبيه الحسن بن علي والعباس رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

وفي السنة المذكورة توفي أبو عبد الله وهب بن منبه اليماني الصنعاني الإمام العلامة، وله ثمانون سنة. روي عن ابن عباس، وقيل عن أبي هريرة وغيره من الصحابة، وولي القضاء لعمر بن عبد العزيز، وكان شديد الاعتناء بكتب الأولين وأخبار الأمم وقصص الماضيين بحيث كان يشبه بكعب الأحبار في زمانه. وحكى عنه ابن قتيبة قال: قرأت من كتب الله اثنتين وسبعين كتاباً وله تصنيف ترجمة بذكر الملوك المتوجه من حمير وأخبارهم وقصصهم وقبورهم وأشعارهم في مجلد واحد وهو من الكتب المفيدة. وكان له إخوة منهم همام بن منبه كان أكبر من وهب. وروى عن أبي هريرة رضي الله

تعالى عنه، وهو معدود من جملة الأبناء، ومعنى قولهم فلان من جملة الأبناء: ان أبا مرة سيف بن ذي يزن الحميري صاحب اليمن لما استولت الحبشة على ملكه توجه إلى كسرى أنوشروان ملك الفرس يستنجده عليهم، وقصته في ذلك مشهورة وخبره طويل وخلاصة الأمر أنه سير معه سبعة آلاف وخمس مائة فارس من الفرس وجعل مقدمهم وهوز، هكذا قاله ابن قتيبة. وقال محمد بن إسحاق: لم يسر معه سوى ثمان مائة فارس فغرق منهم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015