مصعب بن الزبير هي وعائشة بنت طلحة، وأنه أصدق عائشة المذكورة مائة ألف دينار. وفيها توفي جرير والفرزدق الشاعران الشهيران، قال ابن خلكان: كان جرير من فحول شعراء الإسلام، وكانت بينه وبين الفرزدق مهاجاة، قال وهو أشعر من الفرزدق عند أكثرأهل العلم بهذا الشأن. وقال أجمعت العلماء أنه ليس في شعراء الإسلام أشعر من ثلاثة: جرير والفرزدق والأخطل. قال: ويقال: ان بيوت الشعر أربعة فخر ومديح وهجاء وتشبيب، وفي الأربعة فاق جرير غيره، في الفخر قوله:
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا
ويروى وجدت الناس. وفي المديح قوله:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
وفي الهجاء قوله:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
وفي التشبيب قوله:
إن العيون التي في طرفها حور ... يقتلننا ثم لا يحيين قتلابا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك له ... وهن أضعف خلق الله أركانا
قلت قوله: قد أجمعت العلماء على أنه ليس في شعر الإسلام مثل ثلاثة جرير والفرزدق والأخطل، ليس بصحيح، بل الخلاف بينهم واقع، وقد رجح كثير من المتآخرين بل أكدرهم قول ثلاثة آخر على الثلاثة المذكورين، وهم أبو تمام والبحتري - والمتنبي -، ثم اختلفوا أيضاً اختلافاً كثيراً في الثلاث المتآخرين، ايهم أرجح؟ وفصل بعضهم في التفضيل بينهم في أشياء يطول ذكرها، وقد أوضحت ذلك في الشرح الموسوم بمنهل المفهوم المروي من صداء الجهل المذموم في شرح ألسنة العلوم، وسيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة المتنبي إيضاح ذلك مشبعاً موصولاً ومفرعاً. ومن أخبار جرير ما حكى صاحب الجليس والأنيس في كتابه أنه قيل لجرير: ما كان أبوك صائغاً؟ حيث يقول:
لو كنت أعلم أن آخرعهدهم ... يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل