النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودع الناس فيها، ولم يحج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة سواها. وأما قبل الهجرة فلم يضبط عدد حجاته صلى الله عليه وآله وسلم، غير أنه أقام بعد النبوة بمكة ثلاث عشرة سنة على القول الراجح المشهور، وقيل عشراً، وقيل خمس عشرة، وأقام بالمدينة عشراً بالاجماع، كان مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم على رأس أربعين سنة من مولده. وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة وعن عائشة مثل ذلك. وتوفي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة وفي إقامته بمكة والمدينة يقول أبو ليث صرمة بن قيس الأنصاري.

ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... وذكر لو يلقى صديقاً موليا

ويعرض في أهل المواسم فنه ... ولم يرمن يؤوي ولم ير داعيا

فلما أتانا واستقر به السوى ... وأصبح مسروراً بطيبة راضيا

وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا

بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا، عند الوغى ولا ناسيا

نادى الذي عادى من الناس كلهم ... جميعاً وإن كان الحبيب الموليا

ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا

وكان مولده صلى الله عليه وآله وسلم عام الفيل بمكة، في شعب بني هاشم، في الدار التي كانت تدعى بعد ذلك لمحمد بن يوسف أخي الحجاج. وتوفي جده عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين في أحد الأقوال، وشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بناء الكعبة وتراضت قريش بحكمه وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة على أحد الأقوال فيما نقل ابن عبد البر. قلت هذا مشكل، فإنهم نقلوا في السيرة أنه كان وهو صبي صغير، وفي ذلك قضية مشهورة وقعت له حين نزع بردته ووضعها على كتفه يتقي بها الحجارة فحصل له في ذلك عشرين سنة على القول المشهور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015