يوسيف بن أبي عقيل الثقفي، فولدت له الحجاج لا دبر له فنقب عن دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه وغيرها، فأعياهم أمره، فيقال إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث بن كلدة حكيم العرب المذكور، فقال: ما خبركم؟ فقالوا: ابن ولد ليوسف من الفارعة وقد أبى أن يقبل ثدي أمه، فقال: اذبحوا جدياً وألقوه، او قال والعقوه دمه فإذا كان في اليوم الثاني فافعلوا به كذلك، واذبحوا له في الثالث تيساً أسود وافعلوا بدمه كما تقدم، ثم اذبحوا له أسود سالخاً. قلت: كأنه يعني ثعبان أسود قد سلخ جلده واستبدل آخر، وأمرهم أن يطعموه دمه، ويطلوا به وجهه، وأخبرهم أنهم إذا فعلوا ذلك فإنه يقبل الثدي في اليوم الرابع، ففعلوا به ذلك فكان لا يصبر عن سفك الدماء لما كان عنه في أول أمره. وكان الحجاج يخبر عن نفسه: ان أكبر لذاته سفك الدماء وارتكاب أمور لا يقدر عليها غيره. وقيل إن الحجاج خطب يوماً، فقال في أثناء كلامه: ايها الناس إن الصبر عن محارم الله أهون من الصبر على عذاب الله، فقام له رجل وقال: ويحك يا حجاج ما أصفق وجهك وأقل حياؤك، فأمر به فحبس، فلما نزل عن المنبر دعا به فقال له اجترأت علي، فقال له: اتجترىء على الله فلا تنكره، وتجترىء عليك فتنكره؟! فخلي سبيله. وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب تلقيح فهوم أهل الأثرة أن الفارعة أم الحجاج كانت تحت المغيرة بن شعبة، وإن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه طاف ليلة في المدينة، فسمع امرأة تنشد فيه خدرها.
هل من سبيل إلى خمر فاشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج
فقال عمر لا أرى معي في المدينة رجلاً يهتف به العواتق من خدورهن، علي بنصر بن الحجاج، فأتي به فإذا هو أحسن الناس وجهاً وأحسنهم شعراً بفتح الشين والعين. فقال عمر عزيمة من أمير المؤمنين لتأخذن من شعرك فأخذ منه فخرج له وجنتان كأنهما فلقتا قمر فقال له: اعتم فاعتم ففتن الناس بعينيه، فقال عمر: والله لا يساكنني ببلدة، فقال ما ذنبي يا أمير المؤمنين: قال: هو ما أقول لك، وسيره إلى البصرة. وأخبار الحجاج كثيرة هو الذي بنى مدينة واسط، وسميت بذلك لتوسطها بين البصرة والكوفة. قالوا ولما حضرته الوفاة دعا منجماً فقال له: هل ترى في علمك ملكاً يموت؟ فقال نعم ولست، فقال ولم؟ قالط: لأن الذي يموت اسمه كليب فقال الحجاج: والله بذلك سمتني أمي فأوصى عند ذلك وكان ينشد في مرض موته ما قاله عبيد بن سفيان العكلي.