أعذب ماء منها، وكان ولادته سنة اثنتين، وقيل سنة ست وعشرين. قال ابن خلكان وتوفي في قرية له دون المدينة، يقال لها فرع بضم الفاء وسكون الراء من ناحية الربذة بينها وبين المدينة أربع ليال، وهي ذات نخل ومياه. وذكر العتبي أن المسجد الحرام جمع بين عبد الله بن الزبير وأخويه عروة ومصعب وعبد الملك بن مروان أيام تألفهم بعد موت معاوية، فقالوا: هلم فلنمنه، فقال عبد الله بن الزبير: منيتي أن أملك الحرمين ويقال الخلافة، وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين فأجمع بين جميلتي قريش سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وقال عبد الملك: منيتي أن أملك الأرض كلها وأخلف معاوية. فقال عروة: ليست في شيء مما أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرى، وإن أكون ممن يروى عنه العلم، فقال: فما ماتوا حتى بلغ كل واحد منهم إلى أمله، وكان عبد الملك بن مروان لذلك يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير. وفيها توفي أيضاً من الفقهاء السبعة أبو بكرعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي الملقب براهب قريش لعبادته وفضله، وكان مكفوفاً، وأبوه الحارث من جملة الصحابة، وهو أخو أبي جهل.
وفيها توفي زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. روى عن جماعة من السلف إنهم قالوا: ما رأينا أورع وبعضهم قالوا أفضل منه منهم سعيد بن المسيب، وقال أيضاً: بلغني أن علي بن الحسين كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات، قال: وسمي زين العابدين لعبادته، وقال بعضهم كان عبد الملك بن مروان يحبه ويحترمه، وكان الحسين يوم قتل والده مريضاً فلم يتعرض له، وأمه سلافة بنت يزدجرد آخر ملوك فارس. وذكر أبو القاسم الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار: ان الصحابة لما أتوا المدينة بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيهم ثلاث بنات ليزدجرد، فأمر ببيعهن فقال له علي رضي الله عنه إن بنات الملوك لا تعاملهن معاملات غيرهن، فقال: فكيف الطريق إلى بيعهن؟ فقال: تقومهن ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن، فقومهن وأخذهن علي بن أبي طالب، فدفع واحدة لعبد الله بن عمر، وأخرى لولده الحسين، وأخرى