وهوصائم، ومما اشتهر عنه أنه قطعت رجله وهو في الصلاة لآكلة وقعت بها ولم تشعر بذلك. وقال الإمام الزهري: رأيت عروة بحراً لا ينزف، ويروى بحراً لا تكدره الدلا، وهذه السنة تسمى سنة الفقهاء، لأنه مات فيها جماعة منهم، وإنما قيل الفقهاء السبعة لأنهم كانوا بالمدينة في عصر واحد. ومنهم انتشر العلم والفتيا. وقيل لأن الفتوى بعد الصحابة صارت إليهم وشهروا بها، وسيأتي ذكر كل واحد منهم في موضعه، وقد جمعهم لعض العلماء فى بيتين فقالى:

ألا كل من لا يقتدى بأئمة ... فقسمته ضيزى عن الحق خارجه

وخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه

وكان في عصرهم جماعة من العلماء التابعين مثل سالم بن عبد الله بن عمر وأمثاله، ولكن الفتوى لم يكن إلا لهؤلاء السبعة، هكذا قال الحافظ السلفي. ووالدا عروة كلاهما ذو الجلالة والقدر، فأبوه الزبير بن العوام الصحابي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، رضي الله عنهم ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وعروة شقيق أخيه عبد الله الزبير بخلاف أخيهما مصعب فإن أمه أخرى سمع عروة من خالته عائشة رضي الله عنها. وروى عنه ابن شهاب الزهري وغيره، وكان عالماً صالحاً ولما قطعت رجله من الأكلة لم يشعر الوليد بن عبد الملك بقطعها، وهو حاضر عنده لعدم تحركه حتى كويت، فوجد رائحة الكي على ما ذكر ابن قتيبة. قال: ولم يترك ورده تلك الليلة، وعاش بعد قطع رجله ثماني سنين ولما قتل أخوه عبد الله قال لعبد الملك بن مروان: اريد أن تعطيني سيف أخي. فقال: هو بين السيوف ولا أميزه فقال عروة: اذا حضرت السيوف فأنا أميزه فأمر عبد الملك باحضارها، فلما حضرت أخذ عروة منها سيفاً مقلل الحد، وقال: هذا سيف أخي. فقال عبد الملك: كنت تعرفه قبل الآن؟ فقال: لا فقال: كيف عرفته؟ فقال: بقول النابغة الذبياني:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

وعروة هو الذي احتفر البير المسماة ببير عروة في المدينة الشريفة، وليس فيها بير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015