وحدث بالقاهرة، وولي مشيخة الرباط الركني، ثم الخانقاه، ثم التدريس بالقبة من الخانقاه، والإعادة في الفاضلية والقطبية والظاهرية وغيرها من المدارس، وكان كريم النفس، حسن الأخلاق، كثير التواضع، طارحاً للتكلف يحمل عيش عياله بنفسه إلى الفرن، كثير الاشتغال للطلبة، متصدياً لاشتغالهم وإفادتهم في أكثر أوقاته قلت: وبلغني أن له بعض كرامات، وذكر أن عمره ينيف على الستين رحمه الله تعالى.

وفيها توفيت مسندة الشام أم محمد زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية المرأة الصالحة العذراء، عن أربع وتسعين سنة، روت عن جماعة سماعاً وإجازة، وتكاثروا عليها، وتفردت وروت كتباً كباراً.

قلت: وإلى هاهنا انتهى تاريخ الذهبي، وكذلك انتهى في نيف وستين وست مائة تاريخ ابن خلكان، ومنهما انتقيت تاريخي هذا وها أنا أذكر بعض من توفي من الأعيان في عشر سنين أخرى التقطتهم مما ذكره بعض المتأخرين.

سنة إحدى وأربعين وسبع مائة

وفيها توفي الإمام العلامة الأوحد شمس الدين أحمد بن يحيى بن محمد القرشي البكري السهروردي الشافعي الكاتب، سمع الحديث، وأخذ الإجازة من جماعة، وشارك في طرف من العلوم، وبرع في اللغة والأدب، وفاق في صناعة الخط، وحسن الكتابة، وتقدم في صناعة الموسيقى، وصار شيخ الكتاب، ورئيس أهل الآداب، حسن الأخلاق، جميل الأعراق، كثير الحياء والإطراق، سديد المقال، مليح الفعال، كريم الطباع، كثير الإطلاع، معمور الأوقات في الاشتغال والأشغال، صاحب رأي وفصاحة، وشرف نفس وبلاغة.

سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة

فيها توفي الشيخ شهاب الدين أحمد بن منصور الدمياطي المعروف بابن الحباس الصوفي الأديب الشاعر، ومن شعره:

زاد وجدي فلست أملك صبراً ... أعظم الله لي في الصبر أجرا

راسل الوجد مهجتي فدموعي ... أرسلت رسلها على الخد تترى

صنت سر الهوى، فنم بي الدمع ... فلولا الدموع لم أبد سرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015