ويحكى أنه توقف أول يوم في حملهما لكونه قتال المسلمين، ولم يكن قبل ذلك شهد مثله، فقال له علي: وهل عندك شك في جيش مقدمه أبوك؟ فحملها قلت هكذا ذكر بعضهم. وذكر غيره أنه قال له أبوه يوم الجمل: تقدم بالراية وقد ازدحمت الأقران والرؤوس تقطع عن الأبدان، فقال: إلى أين أتقدم؟ والله إن هذه هي المصيبة العمياء. فقال له علي: ثكلتك أمك أتكون
مصيبة وأبوك قائدها؟ وقيل لمحمد كيف كان أبوك يقحمك المهالك، ويولجك المضائق، دون أخويك الحسن والحسين؟ فقال: لأنهما كانا عينيه، وكنت يديه، وكان يقي عينيه بيديه. ولما دعا ابن الزبير إلى نفسه، وبايعه أهل الحجاز بالخلافة، دعا عبد الله بن العباس ومحمد ابن الحنفية إلى البيعة، فأبيا وقال لانبايعك حتى يجتمع لك البلاد والعباد، فتهددهما وجرى ما يطول شرحه وكان الشيعة قد لقبته المهدي، وتزعم شيعته أنه لم يمت وأنه بجبل رضوى مختفيأ عنده عسل وماء، وإلى ذلك أشار كثير عزة وكان كيسانياً حيث قال:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبر ... وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء
نراه مخيماً بجبال رضوى ... مقيماً عنده عسل وماء
وفيها توفي سويد بن غفلة الجعفي بالكوفة، ومولده عام الفيل فيما قيل، وكان فقيهاً إماماً عابداً قانعاً كبير القدر، رحمة الله عليه. وفيها حجت أم الدرداء الوصابية اليمنية الحميرية، وكان لها نصيب وافي من العلم والعمل، ولها حرمة زائدة بالشام، وقد خطبها معاوية بعد أبي الدرداء فامتنعت وقتل مع ابن الأشعث ليلة دجيل أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، وعبد الله بن شداد بن الهاد الليثي