في ترجمته، وإنزاله إلى الحضيض النازل من رفيع مرتبته، فطالع ما تقدم في ترجمته المذكورة ترى العجب العجاب، فتوفق إن شاء الله تعالى في الاعتقاد للصواب.

وفي السنة المذكورة توفي صاحب اليمن شيخ القراءات، ومعدن البركات مقرئ حرم الله تعالى، ومحقق قراءة كتاب الله عز وجل. الشيخ الكبير السيد الشهير أبو محمد عبد الله لمعروف بالدلاوي - رضي الله تعالى عنه - ونفع به. كان من ذوي الكرامات العديدات، والمناقب الحميدات.

يقال: إنه ممن سمع رد السلام من سيد الأنام عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، ورأيته يطوف في ضحى كل يوم أسبوعاً بعد فراغ الطلبة من القراءة عليه، وكان قد انحنى انحناء كثيراً، فإذا جاء إلى الحجر الأسود زال ذلك الإنحناء وقبله، وكان يعد ذلك من كراماته.

ومنها أنه كان عنده طفل غابت أمه عنه، فبكى فدر ثديه باللبن، فأرضع ذلك الطفل حتى سكت، وله كرامات أخرى كثيرة شهيرة.

وفي السنة المذكورة توفي صاحب اليمن الملك المؤيد عزيز الدين داود ابن الملك المظفر يوسف بن عمر، وكانت دولته بضعاً وعشرين سنة. قال بعض المؤرخين: وكان عالماً فاضلاً سائساً شجاعاً، وعنده كتب عظيمة نحو مائة ألف مجلد، وكان يحفظ التنبيه وغير ذلك. انتهى.

قلت: وأبوه الملك المظفر، وابنه الملك المجاهد كلاهما في العلوم أكثر من مشاركة فرعاً وأصلاً، وأذكى قريحة، وأشهر فضلاً، وأحسن ملحاً، وأظرف وأحلى من ذلك أنه كتب بعض الناس إلى الملك المظفر، قال الله عز وجل: " إنما المؤمنون أخوة " " الحجرات: 10 " وأنا أخوك فلان أطلب منك نصيبي من بيت مال المسلمين، فأرسل إليه الملك المظفر بدرهم، وقال للرسول قل له: " إذا فرقنا بيت مال المسلمين عليهم لم يحصل لك أكثر من هذا أو قال: لعله لا يحصل لك هذا.

وله أربعون حديثاً خرجها منتقاة عوالي رويناها عن شيخنا رضي الدين الطبري يحق روايته لها عن الإمام محب الدين الطبري بروايته لها عن الملك المظفر المذكور.

وأما الملك المجاهد، فله أشياء بديعة نظماً ونثراً، وديوان شعره، ومعرفة بعلم الفلك، والنجوم، والرمل، وبعض العلوم الشرعية من الفقه وغيره.

وفيها مات بمصر المحدث الرحال تقي الدين محمد بن عبد المجيد الهمداني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015