قال الذهبي: أحد زنادقة الصوفية، وقد قيل له مرة: أنت نصيري قال: النصيري بعض مني.
قال: وأما شعره، ففي الذروة العليا من حيث البلاغة والبيان لا من حيث الإلحاد.
قلت: وهذا أيضاً مع ما تقدم يدل على سوء عقيدة الذهبي في الصوفية، أما كان يكفيه إن كان كما ذكر زنديقاً أن يقول: أحد الزنادقة، ولا يضيف إلى الصوفية الصفوة أهل الصدق والتصديق، والحق والتحقيق كل فاجر زنديق. وهل كل من كان متصفاً بالوصف المذكور أو غيره من وصف غير مشكور ينسب إلى الصوفية أهل الصفا والنور؟ وكأنه ما يصدق متى يصادف رخصة يتخذها فرصة في الطعن في الساعة الأحباب العارفين أولى الألباب، وليت هذا إذ حزم التوفيق في حسن الظن، ومشابهة الولي الإمام محي الدين النواوي الجليل المقدار، حيث ذكر في كتابه الحفيل الموسوم بالإذكار، إن الصوفية من صفوة هذه الأمة نعوذ بالله من حرمان التوفيق والعصمة، فلم يكن لهم معتقداً أمسك عنهم، ولم يكن فيهم منتقداً لكنه سارع إلى القدح فيهم ترا، والطعن فيهم مرة بعد أخرى، كأنه قد شرب من ما جيرانه المعروف بالوخم الطاعنين في الصوفية أولى الأحوال السنية، ومحاسن الأوصاف والشيم، والجد والاجتهاد وعوالي العزائم والهمم، ورفض ما سوى الله، والإقبال على الله في الفضل والجود والكرم، وما أحسن التوفيق للسكوت فيما لا يدريه الإنسان، كما تقدم من جواب السيد الجليل الكبير الشأن، ابن العجيل لما سئل عن السماع حيث تورع فبم الجواب، ولم ينسبه إلى الزيغ والابتداع، وكيف وضع نفسه عن مشابهة من سمعه مع رخصه الله به ورفعه، فقال: إن أبحه، فلست من أهله، وإن أنكره، فقد سمعه من هوي مني.
قلت: وقد نص الشيوخ العارفون بالله من الصوفية أولى المقامات العلية إن الفرق الخارجة عن سنن الهدى ليسوا من الصوفية، وإن ادعوا ذلك، ولبسوا في الرسوم والزخارف، وممن نص على ذلك شيخ عصره الإمام شهاب الدين في العوارف.
وفيها توفي الإمام فقيه الشام، وشيخ الإسلام المشهور بالفضل والخير والاتباع أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري الشافعي المعروف ابن صباغ تاج الدين الملقب بالفركاح لحنف في رجليه العلامة شيخ المذهب على الإطلاق في زمانه والد الشيخ الإمام