فيها ولي خراسان المهلب بن أبي صفرة، وتوفي جابر بن عبد الله السلمي الأنصاري، وهو آخر من مات من أهل العقبة، وعاش أربعاً وتسعين سنة، وكان كثير العلم ومن أهل بيعة الرضوان، وبشره النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما استشهد أبوه يوم أحد " مازلت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ". وفيها على الأصح توفي زيد بن خالد الجهني من مشاهيرالصحابة، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، كان قد بعثه عمر يفقه الناس، وكان من رؤوس التابعين. وفيها وقيل في سنة ثمانين توفي أبو أمية شريح بن الحارث الكندي القاضي، ولي قضاء الكوفة لعمر فمن بعده وعاش أكثر من مائة سنة، وولي القضاء خمساً وسبعين سنة، واستعفى من القضاء قبل موته بعام فأعفاه الحجاج، وكان فقيهاً شاعراً محسناًَ صاحب مزاح، وكان أعلم الناس بالقضاء، ذا فطنة وذكاء، ومعرفة وعقل وإصابة، وهو أحد السادات الطلس، وهم أربعة: عبد الله بن الزبير - وقيسى بن سعد بن عبادة - والأحنف بن قيس الكندي الذي يضرب به المثل في الحلم والقاضي شريح المذكور والأطلس: الذي شعر في وجهه. وحكي عن بعض أصحاب قيس بن سعد أنه قال: لو كانت اللحى تشترى بالدراهم، او قال بالدنانير، او كما قال، لاشترينا لقيس بن سعد لحية. ومن مزاح شريح المذكور: انه دخل عليه عدي بن أرطأة، فقال له: اين أنت أصلحك الله؟ قال بينك وبين الحائط، قال اسمع مني، قال قل أسمع، قال: اني رجل من أهل الشام قال: مكان سحيق، قال: وتزوجت عندكم قال بالرفاء والبنين، قال وأردت أن أرحلها قال الرجل أحق بأهلها، قال وشرطت لها دارها قال: الشرط لها دارها، او قال: المؤمنون عند شروطهم، قال: فاحكم الآن بيننا قال قد فعلت، من حكمت قال فعلى ابن أمك، قال بشهادة من قال، بشهادة ابن أخت خالتك.