عليه من حيت لا يراه البواب، ولا يشعر الحجاب، وكاد الجله من العلماء وعيرهم يقبلون قدمه لإشارة اشتهرت عنه في ذلك.
وقد أخبرني الفقيه الإمام القاضي نجم الدين الطبري رحمه الله أنه زاره هو وجده الإمام العلامة محب الدين الطبري، وأنهما قبلا قدمه.
وأخبرني القاضي نجم الدين رحمه الله المذكور أنه نعى بمكة، والسيد المشهور ابن عجيل المذكور يومئذ فيها، فقال: أرجو من الله أن يفديه بمائة فقيه، ثم جاء الخبر أنه حي لم يمت، وكان قد ولاه الملك المظفر قاضياً على قضاة اليمن، ولكن كان هو السلطان ما أمر به السلطان كان، وكان كتب إليه في شقف من خزف: يا يوسف فما تبه إلى سلطان في ذلك، وقال: هب أنك موسى، ولست بموسى وهب أني فرعون، ولست بفرعون، وفي رواية أخرى أرسل من هو خير منك إلى من هو شر مني، وأمر الله تعالى باللطف به، واللين إليه فقال تعالى: " قولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى " " سورة طه: 44 " إما تكتب إلي في ورقة بفلس، وكان إذا كشف له أن الحق في جانب من ترجحت حجة خصمه في ظاهر الشرع يصرفها إلى حاكم آخر. قلت: وهذا حسن جداً، فإنه لا يمكنه أن يحكم بالحكم الباطن، وقد أمر الشوع أن يحكم بالظاهر بخلاف ما يظهر، له بالعلم الباطن، فترك الحكم بهما جميعاً احتياطاً وأدباً مع الشرع، وأرى هذا أحسن وأسلم مما كان يفعله غيره من القضاة من أكابر الأولياء من الحكم مما يكشف له من علم الباطن.
ومنهم السيد الكبير الولي الشهير الشيخ عبد الرحمن النويري رضي الله تعالى عنه، فإنه كان يقول: ما يمكنني إذا قالت لي البقرة: أنا لفلان أحكم بها لخصمه، وكان سبب ولاية إسماعيل المذكور قضاء القضاة أن الملك المظفر استدعى به، وبابن العجيل، وبابن الهرمل، فسار إليه هو وابن الهرمل، ومرا على ابن العجيل، فقال لهما: لو قد عزمتما كان رأيي أن لا تذهبا إليه، ولكن إذ قد عزمتما فلي إليكما حاجة، وهي أن لا تذكر أني عنده، فإن ذكرني، فقولا له: هو في عش في البادية: فإن تركته وإلا سافر إلى بلاد الحبشة، وخلي لك البلاد، فقال له إسماعيل: يا فقيه أحمد إن الله قد استرعانا عليه، كما استرعاه على الرعية، فنحن نأمره وننهاه، فإن قبل منا فهو المطلوب، وإلا كنا قد خرجنا عن العهدة، ثم سافر إليه إلى تعز فلما اجتمعا به استقضى الفقيه إسماعيل، فأقام قاضياً للقضاة مدة، ثم عزل نفسه، وكان مع كبر شأنه وزهده في الدنيا كثير التزوج جداً، حتى قال لبعض ذريته: لا تتزوجوا من نساء زبيد، فإني أخشى أن تقعوا في بعض المحارم لكم.