قاضي القضاة أبي الحسن أبي قاضي القضاة منتجب الدين القرشي الدمشقي الشافعي، تفقه على الفخر ابن عساكر، وولي قضاء دمشق مرتين، وكان صدراً معظماً معروفاً بالفضائل.
وقال الذهبي: له في ابن العربي عقيدة تجاوز حد الوصف، قال: وكان يفصل علياً على عثمان، ثم نسبه إلى التشيع، وجعل التفضيل المذكور كالعلة لتشيعه.
قلت: وهذا من الذهبي العجب العجاب أما علم أن جماعة من أكابر أئمتنا المحققين ذهبوا إلى تفضيل علي على عثمان. منهم الأئمة الجلة سفيان الثوري، ومحمد بن إسحاق، والحسين بن الفضل، بل هو منسوب إلى أهل الكوفة قاطبة، ولهذا قال الإمام سفيان الثوري لما سئل عن اعتقاده في ذلك: أنا رجل كوفي: وقد أوضحت رجحان الدليل على هذا في كتاب المرهم في الأصول، وأن علياً رضي الله عنه اجتمع فيه من الفضائل في آخر عمره ما لم يكن في أوله، وقد قدمت قصيدة ذكرت فيها التفضيل المذكور، والإشارة إلى فضائل الكل منهم رضي الله تعالى عنهم في ترجمة علي كرم الله وجهه، ولكن لو نسب إلى التشيع بسبب ما ذكر عنه في تاريخه من أنه هو القائل البيتين اللذين ذكرهما في كتابه ونسبهما إليه، كان أنسب إذ في ذلك التصريح أن علياً رضي الله تعالى عنه هو الوصي حيث قال:
أدين بما دان الوصي ولا أرى ... سواه، وإن كانت أمية محتدي
ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت ... وساء بني حرب هنالك مشهدي
وأما ما ذكر من اعتقاده ابن العربي، فليس هو مختصاً بذلك دون غيره، فقد قدمت أن الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب. بعضهم اعتقده وغلا في تفضيله، وبعضهم كفره وغلا في تكفيره، وبعضهم توقف فيه، ومن جملة الفقهاء الذين اعتقدوه الإمام الكبير الفاضل الشهير ابن الزملكاني، وشرح كتابه " الفصوص " الذي هو أشد كتبه إشكالاً، وقد تقدم أيضاً في ترجمة ابن العربي أنه شرحه، ثم ذكر بعد ذلك أن أبا الفضل المذكور سار إلى خدمة هولاو فكرمه وولاه قضاء الشام، وخلع عليه خلعة سوداء مذهبة، فلما تولى الملك الظاهر أبعده إلى مصر، وألزمه بالمقام بها وبها توفي.
فيها افتتح السلطان حصن الأكراد السيف، ثم نازل حصن عكا، وأخفه بالأمان، فبذل له صاحب طرابلس، وبذله ما أراد، وعانه عشر سنين.
وفيها جاء سيل عرم، فغلقت أبواب دمشق، وطفى الماء، وارتفع وأخذ البيوت