الملك الظاهر ركن الدين الصالحي، فعمل في أيامه باقي المسجدالشريف، ولما احترق المنبر المذكور أرسل الملك المظفر صاحب اليمن في سنةست وخمسين بمنبر عمله، فوضع موضع منبر النبي صلى الله عليهوآله وسلم، ولم يزل إلى سنة ست وستين وست مائة يخطب عليه وزبنتاه من الصندل فأرسل الملك الظاهر هذا المنبر الموجود اليوم، فقلع منبر صاحب اليمن، وحمل إلى حامل الحرم، وهو باق إلى اليوم، ونصب هذا مكانه وطوله أربعة أذرع، ومن رأسه إلى عينيه سبعة أذرع يزيدقليلاً، وعدد درجاته سبع بالمقعد، وبين المنبر ومصلى رسول الله صلى الله عليهوآله وسلم أربع عشرة فراعاًوشبر، وبين القبر الشريف المحفوف بالنور، وبين المنبرالمشرف المذكورثلاثة وخمسون فراعًا، وبين المصلىالمبارك المذكور، وبين آخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القديم المشكور على ما ذكره الحافظ أبو الحسن رزين بن معاويةبن عمران العبدري الأندلسي في كتابه في ذكردارالهجرة، فإنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زاد في مسجده زيادتين، الزيادة الأخيرة بلغت فيها مساحته منها مائة ذراع، وجعل عرضه كطوله في الإتساع قلت: هذا ما اقتصرت عليه تنبيهًا على ما يحتاج إليه.

وفي سنة أربع وخمسين التي وقع في الحريق المذكور، وظهور النار المذكورة، وكان غرق بغداد بزيادة دجلة زيادة ما سمع بمثلها، وغرق خلق كثير، ووقع شيء كثير من الدور على أهلها، وأشرف الناس على الهلاك، وغرقت المراكب في أزقة بغداد، وركب الخليفة في مركب، وابتهل الخلق إلى الله تعالى بالدعاء.

وفيها ملكت التتار سائر الروم بالسيف.

وفيهاتوفي شيخ الطريق العارف بالله ذوالتحقيق عبد الله بن محمد الرازي الصوفي، سمع الكثير من جماعة، وصحب الشيخ نجم الدين الكبري، وهومن شيوخ الدمياطي.

وفيها توفي الشيخ الكبير الشأن أوالجد والاجتهاد والأحوال عيسى بن أحمد الجويني صاحب الشيخ عبد الله بن أحمد، المتقدم ذكره، كان صوامًا قوامًا متبتلاً قانتًا، منقطع القرين، حسن العيش في مطعمه وملبسه يقال له: سلاب الأحوال بجدة فيه مع ذلك.

وفيها توفي الكمال أبو البركات المبارك بن حمدان الموصلي مؤلف عقود الجمان في شعراء الزمان.

وفيها توفي العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أبو المظفر يوسف التركي ثم البغدادي المعروف بابن الجوزي سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي، أسمعه جده منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015