مرة أخرى في العشر الأول بعد السبع مائة، فجرى سنة كاملة، وأزيد، ثم انخرق في سنة أربع وثلاثين وسبع مائة، وكان ذلك بعد توتر أمطار عظيمة في الحجاز في تلك السنة، وكثر الماء وعلا من جانبي السد، ومن دونه مما يلي الجبل وغيره، فجاء سيل طام لا يوصف ومجراه ملاصق لقبة حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، وقيل: جبل عنيين بفتح العين المهملة وكسر النون بين المثناة من تحت الساكنين، وفي آخره نون.
قلت: ولعله الجبل الن! ي أمر صلى الله عليه واله وسلم الرماة أن يقفوا عليه، وحفر السيل المذكور الدور، وأخر قتلى الجبل المذكور، وبقيت القبة والجبل المذكور أن في وسط السيل وتمادت مدة جريه قريباًمن سنة.
قلت: وهذاالسيل المذكور قد شاهدته، وأقمت عنده أيامًا وليالي، وكشف عن عين قديمة قبل الوادي، فجددهاالأمرودي صاحب المدينة الشريفة.
وفي السنة المذكورة أول ليلة من رمضان ليلة الجمعة احترق المسجد الشريف النبوي بعد صلاة التراويح على يد فراش في الحرم الشريف عرف بأبي بكر المراغي لسقوط ذبالةيده في المساق عن غير اختيار منه، حتى احترق هو أيضاً، واحترق جميع سقف المسجد الشريف، حتى لم يبق إلاالسواري قائمة، وحيطان المسجدالشريف، والحائط الذي بناه عمر بن عبد العزيز حول حائط الحجرة الشريفة المجعول على خمسةأركان لئلا يصل إلى الضريح الطاهر الشريف، ووقع ما ذكرنامن الحريق بعدأن عجزعن إطفائه كل فريق.
ثم سقف المستعصم في سنة خمس من ذلك الحجرة الشريفة، وما حولها إلى الحائط القبلي، وإلى الحائط الشرقي إلى بات جبرائيل عليه السلام المعروف قديمًا بباب عثمان، ومن جهة المغرب إلى المنبر الشريف، ثم قتل الخليفة المستعصم في أول السنة السادسة، فوصلت الآلات من مصر من صاحبها يومئذ الملك المنصورعلى ابن الملك المعز الصالحي، ووصل أيضًامن صاحب اليمن يومئذ الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول الآت وأخشاب، فعملوا إلى باب السلام المعروف قديمًابباب مروان، ثم عزل صاحب مصر، وتولى مكانه مملوك أبيه الملك المظفر سيف الدين قطر سنة ثمان وخمسين، فكان العمل في تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة المعروف قديماًبباب عاتكة ابنة عبد الله بن زيد بن حارثة، كانت لها دار مقابل الباب، فنسب إليها ومن باب جبرائيل إلى باب النساء المعروف قديمًا بباب ريطة ابنة أبي العباس السفاح، وتولى مصر اخرتلك السنة