في مخالفته للطاعنين فيه، لم ينزله بالمنزلة اللائقة به فى قوله وسمعت أنه كان رجلاً صالحاً كثير الخير، على قدم التجرد حسن الصجة، محمود العشيرة، وأنه ترنم يوماً في خلوته بقول الحريري صاحب المقامات:
من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط
فسمع قائلا يقول لا يرى شخصه:
محمد الهادي الذي ... عليه جبريل هبط
وكان يقول: علمت في النوم بيتين، وهما:
وحياة أشواقي إليك ... وحرمة الصبر الجميل
لا أبصرت عيني وسواك ... ولا صبوت إلى خليل
قلت: ولقد أحسن في وصفه راح المحبة في ديوانه المذكور، ومن ذلك وصفه لها في هذا البيت المشهور:
هنيئًا لأهل الدهر كم سكروا بها ... وما شربوا منها، ولكنهم هموا
على نفسه، فليبك من ضاع عمره ... وليس له منها نصيب ولا سهم
توفي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى، ودفن في العارض بسفح جبل المعظم والفارض بالفاء والراء وبين الألف والضاد المعجمة راء، وهو الذي يكتب الفروض للنساء على الرجال.
وفيها توفي الشيخ الجليل، السيد الحفيل، أستاذ زمانة، وفريد أوانه، مطلع الأنوار، ومنبع الأسرار، دليل الطريقة، وترجمان الحقيقة، أستاذ الشيوخ الأكابر، الجامع بين علمي الباطن والظاهر، قدوة العارفين، وعمدة السالكين، العالم الرباني شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد التيمي البكري الصوفي السهروردي مصنف كتاب العوارف، المشتمل على مكنونات المعارف، ومصؤنات المحاسن، واللطائف، وغير ذلك من التصانيف الحسنة الجامعة، من بلاغة الملاحة، وبراعة الفصاحة، وحلاوة العبارة، المشتملة على درر المعارف، ويواقيت الحكم، وطلاوة الإشارة، المحتوية على حياة القلوب وشفائها مر السقم وعقيدته معروفة مشهورة، موصوفة مشكورة، رويتها عن غير واحد من شيوخنا بسندهم العالي الذي بينهم وبين مصنفه، وأخذ صنفها مكة المشرفة، وكان إذا أشكل عليه شيء منها يرجع فيه إلى الله سبحانه وتعالى، ويستخيره حول بيته، وبتضرع إليه في التوفيق