بذلك من مثل ابن خلكان ثناء عظيم لصاحبه رافع.
وفيها توفي الملك الأفضل نور الدين علي ابن سلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، سمع من جماعة، وله شعر وترسل، وجودة كتابة. تسلطن بدمشق، وتملك أخوه الملك العزيز الديار المصرية، ولقي الملك الطاهر أخوهما بحلب، ثم جرت للملك الأفضل مع أخيه الغريز وقائع يطول شرحها، وآخر الأمر أن العزيز والعادل عمه حاصرا دمشق، وأخذاها من الأفضل، وأعطياه صرخد، ثم بعد قليل مات العزيز، وتولى ولده المنصور، ثم إن الملك العادل أخذ الديار المصرية، ودفع للملك الأفضل عدة بلاد: الشرق، ولم يحصل له منها إلا سميساط، فأقام بها إلى أن مات.
وكان الأفضل فيه فضيلة ونباهة، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمتهم. ومن الشعر المنسوب إليه ما كتب إلى الإمام الناصر يشكو عمه العادل، وأخاه العزيز لما أخذوا منه دمشق هذه الأبيات:
مولاي إن أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غضبا بالسيف حق علي
وهو الذي كان قد ولاه والده ... عليهما، فاستقام الأمر حين ولي
فخالفاه وحلا عقد بيعته ... والأمر بينهما والنص فيه جلي
فانظر إلى خط هذا الاسم كيف لقي ... من الأواخر ما لاقى من الأول
فأجابه الإمام الناصر بجواب أوله:
وافى كتابك بابن يوسف معلناً ... بالود يخبر أن أصلك طاهر
غصبوا علياً حقه إذ لم يكن ... بعد النبي له بيثرب ناصر
فابشر فإن غدا عليه حسابهم ... واصبر فناصرك الإمام الناصر
ثم حارب أخاه العزيز صاحب مصر على الملك، ثم زال سلطانه، وتملك سميساط، وأقام بها مدة، وكان فيه عدل وحلم وكرم.
وفيها توفي الفخر الفارسي السيد الجليل مطلع الأنوار، ومنبع الأسرار، ومعدن المحاسن والفخار أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الفيروز أبادي الشافعي الصوفي صاحب العلوم الربانية الغامضة المستغربة في التصوف، والوصل والمحبة.
وأما ما ذكره الذهبي أن في تصانيفه أشياء منكرة، فكلام من ليس له بعلوم القوم