سنة تسع وتسعين وخمس مائة

وفيها تمكن العادل من الممالك، وأبعد الملك المنصور علي بن العزيز - صلاح الدين، وأسكنه بمدينة الرها. وفيها رمي بالنجوم، ذكر ذلك جماعة من المؤرخين قال بعضهم في سلخ المحرم ماجت النجوم وتطايرت كتطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق وضجوا بالدعاء. قالوا: ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. وفيها توفي غياث الدين سلطان غزنة أبو الفتح محمد. كان ملكاً جليلاً عادلاً محباً إلى رعيته كثير المعروف والصدفات، وتفرد بالملك بعده أخوه السلطان شهاب الدين. وفيها توفي القاضي محمد بن أحمد الأموي المرسي المالكي، أحد أئمة المذهب، عرض المدونة على والده، وأجاز له الكبار، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة وصنف التصانيف. وفيها توفي الإمام العلامة أبو الموفق مسعود بن شجاع المعروف بالبرهان الحنفي، درس في النورية والخانوتية، قاضي العسكر، كان صدراً معظماً مفتياً رأساً في المذهب، وكان لا يغسل له فرجية، بل يهبها ويلبس جديدة. وفيها توفي الإمام أبو الحسن علي بن ابراهيم الأنصاري الدمشقي الحنبلي الواعظ، كان من رؤوس العلماء. وفيها توفي الحسن بن سعيد الملقب علم الدين الشاتاني - بالشين المعجمة وبين الألفين مثناة من فوق وقبل ياء النسبة نون - كان فقيهاً وغلب عليه الشعر وأجاد فيه واشتهر به، وكان الوزير أبو المظفر بن هبيرة كثير الإقبال عليه والإكرام له، وذكره العماد الكاتب في الخريدة وأثنى عليه، وقال يمدح صلاح الدين بقصيدة أولها:

أرى النصر معقوداً برايتك الصفرا ... فسروا ملك الدنيا فأنت بها أحرى

يمينك فيا اليمن واليسر في اليسرى ... فبشرى لمن يرجو الندى بهما بشرا

وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير إمام العارفين ودليل السالكين، صاحب الأحوال الفاخرة الكرامات الباهرة، والمقام العلي. والكشف الجلي، والعطاء السني والمشرب الهني، والمحاضرات القدسية والمسامرات الأنسية، والحقائق الربانية والأسرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015