فيها تغلب قتادة بن ادريس الحسيني على مكة، وزالت دولة بني فليتة. وفيها توفي صاحب اليمن وابن صاحبها الملك المعز اسماعيل بن الملك سيف الاسلام طغتكين - بن نجم الدين أيوب بن شاذي كان مجرماً مصراً على شرب الخمر والظلم، ادعى أنه أموي وخرج يروم الخلافة، فوثب عليه أخوان من أمرائه فقتلاه، وولي بعده أخ له صبي، يدعى بالملك الناصر أيوب. وفيها توفي مسند الشام أبو طاهر بركات بن ابراهيم المعروف بالخشوع، سمع من ابن الأكفاني وجماعة. وفيها توفي الحافظ أبو الثناء حماد بن هبة الله. وفيها توفي اللؤلؤ الحاجب العادل، من كبار الدولة، له مواقف حميدة بالسواحل. وكان مقدم المجاهدين المؤيدين الذين ساروا لحرب الفرنج الذين قصدوا الحرم النبوي في البحر وظفروا قيل إنه سار لؤلؤ موقناً بالنصرة، وأخذ معه قيوداً بعدد الفرنج، وكانوا ينيفون على ثلاثمائة - كلهم أبطال من الكرك والشوبك - مع طائفة من العرب المرتدة، فلما بقي بينه وبين المدينة يوم أدركهم لؤلؤ، وبذل الأموال للعرب فخامروا معه، وذلت الفرنج، واعتصموا بحبل، فترحل لؤلؤ وصعد إليهم بالناس - في تسعة أنفس، فهابوه وسلموا أنفسهم، فصفدهم وقيدهم كلهم، وقدم بهم مصر، وكان يوم دخولهم يوماً مشهوراً. وكان لؤلؤ شيخاً أرمينياً من غلمان القصر، فخدم مع صلاح الدين مقدماً، وكان أينما توجه فتح ونصر، ثم كبر وترك الخدمة. وكان يتصدق كل يوم بطعام عدة قدور وباثني عشر ألف رغيف، ويضيف ذلك في شهر رمضان. وفيها توفي ابن الزكي قاضي الشام محيي الدين أبو المعالي محمد ابن قاضي القضاة زكي الدين علي ابن قاضي القضاة منتجب الدين محمد بن يحيى - القرشي الشافعي. كان فقيهاً إماماً طويل الباع في الإنشاء والبلاغة، فصيحاً كامل السؤدد.